الاعتراض الأوّل : ما ذهبت إليه مدرسة الميرزا من عدم جريان مثل هذا الاستصحاب هنا ؛ وذلك لأنّه : إن أريد إجراء الاستصحاب بلحاظ عالم الجعل أي استصحاب بقاء الجعل في عالم التشريع ، فهذا الاستصحاب لا يجري ؛ لأنّنا نعلم بجعل الحرمة في عالم التشريع ، ولا نشكّ في ارتفاع هذا الجعل ، فالركن الثاني غير متحقّق.
وإن أريد إجراء الاستصحاب بلحاظ عالم المجعول ، أي استصحاب بقاء الحرمة الفعليّة المجعولة على العنب المغلي فهذا لا يجري أيضا ؛ لأنّه لم تثبت لنا الحرمة الفعليّة فلا يقين بحدوثها ، حيث إنّ ثبوتها تابع لفعليّة جميع القيود والخصوصيّات المأخوذة والدخيلة في الحكم.
وفي مقامنا لم تتحقّق هذه القيود ، فالركن الأوّل غير متحقّق.
وإن أريد إجراء الاستصحاب بلحاظ الحكم على نهج القضيّة الشرطيّة ، أي استصحاب الحرمة المعلّقة على الغليان التي كانت ثابتة حال العنبيّة ويشكّ في بقائها عند جفافه وغليانه ، فهذا الاستصحاب أيضا لا يجري في نفسه ؛ لأنّ هذه القضيّة الشرطيّة أو الحرمة التعليقيّة أثر انتزاعي ينتزعه العقل بعد ملاحظة جعل الحرمة على موضوعها المقدّر الوجود الذي هو الغليان ؛ لأنّ هذا الجعل وكلّ جعل شرعيّ يكون على نهج القضيّة الحقيقيّة ، أي يكون الموضوع مقدّر الوجود.
وهذه القضيّة الحقيقيّة ينتزع العقل منها القضيّة الشرطيّة بالتحليل.
فالشارع إنّما جعل الحكم على نهج القضيّة الحقيقيّة ، والعقل هو الذي ينتزع القضيّة الشرطيّة.
فاستصحاب القضيّة الشرطيّة لا يفيدنا ولا أثر شرعا للتعبّد بها ؛ لأنّها مستبطنة في نفس القضيّة الجعليّة والتي لا تكون منجّزة لمجرّد العلم بها فضلا عن استصحابها ؛ لما تقدّم من كون المنجّزيّة تابعة للعلم بالكبرى والصغرى لا لإحداهما فقط.
وهنا الكبرى ثابتة لأنّنا نعلم بالقضيّة الجعليّة إلا أنّ الصغرى وهي الموضوع لا علم بتحقّقها ، ولذلك لا يكون هنا أثر ولا فائدة من التعبّد الاستصحابي بها ، فالركن الرابع مختلّ.
وبهذا يظهر أنّه لا يوجد معنى محصّل لإجراء الاستصحاب هنا ، لا في الجعل ؛