هو تمام الموضوع والحكم المجعول شرعا هو ( الحرمة على تقدير غليانه ) وهذا هو نفس الشرطيّة المتيقّنة على تقدير وجود العنب أو عند وجوده في الخارج.
وبهذا يظهر أنّه يمكن تصوير جريان الاستصحاب التعليقي أي استصحاب القضيّة الشرطيّة ، سواء في عالم الجعل أو في عالم المجعول ، فيما إذا كانت القيود مأخوذة شرعا بنحو طولي ترتّبي.
الاعتراض الثاني : أنّا إذا سلّمنا تواجد ركني الاستصحاب في القضيّة الشرطيّة فلا نسلّم جريان الاستصحاب مع ذلك ؛ لأنّه إنّما يثبت الحكم المشروط وهو لا يقبل التنجّز ، وأمّا ما يقبل التنجّز فهو الحكم الفعلي ، فما لم يكن المجعول فعليّا لا يتنجّز الحكم ، وإثبات فعليّة المجعول عند وجود الشرط باستصحاب الحكم المشروط متعذّر ؛ لأنّ ترتّب فعليّة المجعول عند وجود الشرط على ثبوت الحكم المشروط عقلي وليس شرعيّا.
الاعتراض الثاني : ما ذكره الميرزا النائيني أيضا ، وحاصله : أنّنا لو سلّمنا تواجد ركني الاستصحاب في القضيّة الشرطيّة ، أي اليقين بالحدوث والشكّ في البقاء بالتصوير المتقدّم ، فإنّه مع ذلك لا يجري الاستصحاب لاختلال ركنه الرابع ؛ إذ لا أثر ولا فائدة من التعبّد بهذه القضيّة.
والوجه في ذلك : أنّه يشترط في الاستصحاب ترتّب أثر تنجيزي أو تعذيري على المستصحب ، فما لم يوجد مثل هذا الأثر يكون التعبّد الاستصحابي لغوا.
ثمّ إنّ ما يكون قابلا للتنجيز أو التعذير إنّما هو الحكم الفعلي لا الحكم التعليقي المشروط.
وفي مقامنا إذا كان لدينا عنب وغلى صارت حرمته فعليّة ، وكذلك لو قدّرنا العنب والغليان ، فعند الشكّ يجري استصحاب الحرمة ؛ لأنّها كانت فعليّة يترتّب عليها الأثر الشرعي أي المنجّزيّة.
وأمّا لو كان لدينا عنب فقط أو قدّرنا وجود العنب فقط فالحرمة لا تكون فعليّة ، وإنّما هي مشروطة بالغليان ، وهذه الحرمة المشروطة لا تكون منجّزة حتّى لو كانت معلومة وجدانا فضلا عن استصحابها ؛ لأنّ هذا العنب يجوز تناوله بلا إشكال ، وإنّما تثبت حرمته لو فرض وجود الغليان أو كان الغليان متحقّقا فعلا ، وعليه فلا أثر شرعا لاستصحاب هذه الحرمة المشروطة.