٢ ـ استصحاب عدم النسخ
تقدّم في الحلقة السابقة (١) أنّ النسخ بمعناه الحقيقي مستحيل بالنسبة إلى مبادئ الحكم ، ومعقول بالنسبة إلى الحكم في عالم الجعل ، وعليه فالشكّ في النسخ بالنسبة إلى عالم الجعل يتصوّر على نحوين :
الأوّل : أن يشكّ في بقاء نفس الجعل وعدمه بمعنى احتمال إلغاء المولى له.
الثاني : أن يشكّ في سعة المجعول وشموله من الناحية الزمانيّة ، بمعنى احتمال أنّ الجعل تعلّق بالحكم المقيّد بزمان قد انتهى أمده.
معنى النسخ : تقدّم في الحلقة السابقة أنّ النسخ بمعناه الحقيقي مستحيل بحقّ المولى عزّ وجلّ ؛ لاستلزامه الجهل ؛ وذلك لأنّ معناه أنّه كان يعتقد وجود المصلحة أو المفسدة بلحاظ المبادئ ثمّ ينكشف عدم ذلك ، فهذا المعنى يتصوّر بحقّ الموالي العرفيّين فقط ، هذا بلحاظ الحكم في عالم المبادئ.
نعم ، النسخ بلحاظ الحكم في عالم الجعل والاعتبار معقول بحقّ المولى ، وذلك بأن يجعل الحكم مطلقا ثبوتا لمصلحة في نفس إرادة الحكم بهذا النحو ، ولكنّه يكون مقيّدا في علم الله تعالى بأمر محدّد أخفاه الله عزّ وجلّ ، ولم يذكره إثباتا لمصلحة وحكمة ولو هي إبراز هيبة الأحكام ولزوم احترامها.
وعلى هذا الأساس سوف يكون الشكّ في النسخ بلحاظ عالم الجعل على نحوين :
الأوّل : أن يشكّ في النسخ بمعنى الشكّ في بقاء الجعل أو إلغائه ، فهل الشارع ألغى هذا الجعل أم لا؟
الثاني : أن يشكّ في سعة المجعول وشموله من الناحية الزمانيّة ، بمعنى أنّ ما جعله
__________________
(١) في بحث الدليل العقلي ، تحت عنوان : إمكان النسخ وتصويره.