والجواب : أنّ التلازم بين حدوث الفرد الطويل الأمد وبقاء الكلّي عقلي وليس شرعيّا ، فلا يثبت باستصحاب عدم الأوّل نفي بقاء الثاني.
والجواب : أنّ الأصل السببي إنّما يكون مقدّما على الأصل المسبّبي فيما إذا كانت السببيّة والملازمة بينهما شرعيّة لا عقليّة ، وإلا فيكون من الأصل المثبت ، وهو ليس حجّة في نفسه فضلا عن تقدّمه على غيره.
ففي مثال الثوب المتنجّس المغسول بالماء المستصحب الطهارة يكون استصحاب طهارة الماء أصلا سببيّا مقدّما على استصحاب بقاء نجاسة الثوب ؛ لأنّ طهارة الماء سبب ولازم شرعي لطهارة المغسول به.
وأمّا هنا فبقاء الكلّي أو انتفاؤه ليس مسبّبا شرعيّا عن حدوث الفرد الطويل أو عدم حدوثه ، وإنّما الملازمة بينهما إثباتا أو انتفاء عقليّة ؛ لأنّ إثبات الكلّي بقاء فرع إثبات كون الفرد الطويل هو الحادث لا القصير ، وإثبات انتفائه فرع إثبات كون الفرد الطويل ليس هو الحادث بل القصير ، وهذا الإثبات إن كان وجدانيّا فالملازمة تثبت للعلم الوجداني بها ، وأمّا إن كان تعبّديّا كما في مقامنا فلا تثبت ؛ لأنّها تكون من اللوازم العقليّة للمستصحب ، والذي هو من الأصل المثبت.
وعليه فاستصحاب عدم حدوث الفرد الطويل لا يمكنه إثبات انتفاء الجامع ؛ لأنّ هذا الانتفاء مستند إلى الملازمة العقليّة لا الشرعيّة ، ومع كون الملازمة عقليّة فلا يكون الأصل السببي مقدّما على الأصل المسبّبي ؛ لأنّ سببيّته لا تثبت في نفسها. ولذلك لا يكون استصحاب عدم الفرد الطويل معارضا لاستصحاب بقاء الكلّي.
ومنها : أنّ استصحاب الكلّي معارض باستصحاب عدم الفرد الطويل إلى ظرف الشكّ في بقاء الكلّي ؛ لأنّ عدم الكلّي عبارة عن عدم كلا فرديه ، والفرد القصير الأمد معلوم الانتفاء فعلا بالوجدان والفرد الطويل الأمد محرز الانتفاء فعلا باستصحاب عدمه ، فهذا الاستصحاب بضمّه إلى الوجدان المذكور حجّة على عدم الكلّي فعلا ، فيعارض الحجّة على بقائه المتمثّلة في استصحاب الكلّي.
الاعتراض الخامس : أنّ استصحاب بقاء الكلّي معارض باستصحاب عدم الفرد الطويل من جهة الأثر الشرعي المفروض ترتّبه على الكلّي ؛ وذلك لأنّ استصحاب الكلّي نريد به إثبات بقاء الكلّي في ظرف ارتفاع الفرد القصير من أجل إثبات الأثر