البقاء لنستصحبه بتوسّط العنوان الحاكي عنه وبمقدار حكايته ، خلافا للحالة السابقة التي كانت تشتمل على واقع من هذا القبيل.
والصحيح : عدم جريان الاستصحاب حتّى على ما اخترناه في حقيقة الكلّي من كونه العنوان الحاكي عن الواقع ، فضلا عن كون الكلّي هو الحصّة.
والوجه في ذلك : أنّنا إذا قلنا : إنّ الكلّي عبارة عن الحصّة فالحصّة التي يعلم بحدوث الكلّي فيها يعلم بارتفاعها ، والحصّة التي يشكّ في بقاء الكلّي فيها مشكوكة الحدوث ، فلم تتمّ أركان الاستصحاب لا في هذه الحصّة ولا في تلك.
وأمّا على ما ذكرناه من كون الكلّي هو العنوان الحاكي إجمالا عن الواقع ، فالاستصحاب إنّما يجري فيه بقدر حكاية هذا العنوان عن الواقع ، إذ من الواضح أنّ الاستصحاب لا يجري بلحاظ العنوان بما هو أمر ذهني كما تقدّم سابقا.
وعليه فالعنوان الكلّي يحكي حدوثا عن الفرد الذي علم تفصيلا بارتفاعه ، وهذا يعني أنّ حكايته بلحاظ الحدوث لا شكّ في بقائها ؛ لأنّه يعلم بارتفاعها ، وأمّا حكايته عن الفرد المشكوك حدوثه فهي غير معلومة الحدوث ؛ لأنّ هذا الفرد لا يقين بحدوثه.
ولذلك فلا يصدق على المقام أنّه يوجد حكاية معلومة الحدوث ومشكوكة البقاء ليجري استصحابها.
وبتعبير آخر : إنّ العنوان الكلّي الذي يكون مجرى للاستصحاب هو العنوان الحاكي عن الخارج ، فلا بدّ أن تكون الحكاية متيقّنة الحدوث ومشكوكة البقاء لكي تستصحب ، وهنا الحكاية بمقدار الحدوث وإن كانت معلومة إلا أنّها معلومة الارتفاع أيضا ؛ لأنّ الفرد الذي علم بحدوثه علم بارتفاعه أيضا ، فلم يبق إلا الفرد الآخر والحكاية عنه مشكوكة الحدوث ابتداء ، فلم يصدق أنّه يوجد عنوان متيقّن الحدوث مشكوك البقاء.
وهذا خلافا للحالة السابقة فإنّه كان يصدق لدينا وجود عنوان متيقّن الحدوث ومشكوك البقاء ، إذ لا علم بارتفاع الفرد الذي كان حادثا تفصيلا ؛ لأنّه لا يعلم أيّ الفردين هو الحادث ، ولذلك يعلم بأصل الحدوث إجمالا ضمن أحد الفردين ، ويشكّ في ارتفاعه عند ارتفاع أحد الفردين وبقاء الآخر ، فيستصحب لتماميّة أركان الاستصحاب بلحاظ العنوان الكلّي دون الفرد ، كما تقدّم.
* * *