الثانية : أن تكون هذه العناصر والأجزاء لوحظت بذواتها أي بما هي في نفسها من دون ملاحظة اتّصافها بالجزء الآخر أو اقترانها به ، وإنّما كان وجود هذا الجزء بذاته ووجود ذاك الجزء الآخر بذاته في زمان واحد تمام الموضوع للحكم الشرعي ، كأن يقال : إن وجد ماء قليل وكانت الملاقاة مع النجس متحقّقة أيضا في نفس الزمان فيحكم بالانفعال.
والحاصل : أنّ تركّب الموضوع على نحوين :
١ ـ أن تلحظ الأجزاء بما هي مقترنة ومتّصفة ومقيّدة بعضها بالبعض الآخر.
٢ ـ أن تلحظ الأجزاء بما هي في نفسها من دون ملاحظة اتّصافها واقترانها بالأجزاء الأخرى.
ففي الحالة الأولى لا مجال لإجراء الاستصحاب في ذوات الأجزاء ؛ لأنّه إن أريد به إثبات الحكم مباشرة فهو متعذّر ؛ لترتّبه على العنوان البسيط المتحصّل ، وإن أريد به إثبات الحكم بإثبات ذلك العنوان المتحصّل فهو غير ممكن ؛ لأنّ عنوان الاجتماع والاقتران ونحوه لازم عقلي لثبوت ذوات الأجزاء فلا يثبت باستصحابها.
فالاستصحاب في هذه الحالة يجري في نفس العنوان البسيط المتحصّل ، فمتى شكّ في حصوله جرى استصحاب عدمه حتّى ولو كان أحد الجزءين محرزا وجدانا ، والآخر معلوم الثبوت سابقا ومشكوك البقاء فعلا.
أمّا في الحالة الأولى : وهي حالة أخذ الاقتران أو التقيّد أو الاتّصاف بين الجزءين أو الأجزاء موضوعا للحكم ـ فهنا لا يجري استصحاب ذات الجزء ، والوجه في ذلك هو : أنّه إن أريد باستصحاب ذات الجزء إثبات الحكم الشرعي ابتداء ومباشرة من دون إثبات ذلك العنوان البسيط المنتزع والمتحصّل من مجموع الأجزاء والذي هو عنوان الاتصاف أو الاقتران أو التقيّد ، فهذا غير ممكن بحسب الفرض ؛ إذ المفروض أنّ الحكم مترتّب على العنوان البسيط المنتزع والمتحصّل لا على ذوات الأجزاء ، فاستصحاب الجزء بذاته لا يجري ؛ لأنّه لا يترتّب عليه أثر تنجيزي أو تعذيري.
وإن أريد بذلك إثبات ذاك العنوان البسيط المتحصّل الذي هو موضوع الحكم فهذا معقول في نفسه ، إلا أنّ ترتّب ذلك العنوان على استصحاب ذات الجزء لازم عقلي