الآخر ، وعليه فباستصحاب الجزء الآخر يثبت الحكم المماثل لهذا الحكم الموقوف على هذا الجزء ، فكان الاستصحاب ممّا يمكن جعل الحكم المماثل على المستصحب.
وفيه : أنّ هذا مبني على أنّ الحكم المشروط ينقلب إلى الحكم المطلق بعد تحقّق شرطه ، وهذا باطل كما تقدّم بيانه في بحث الحكم المشروط ، وعليه فمجرّد ثبوت أحد الجزءين بالوجدان لا يعني أنّ هذا الجزء خرج عن كونه جزءا من موضوع الحكم الشرعي ، وبالتالي فالحكم الشرعي لا يزال مترتّبا على ذات الجزءين لا على الجزء الآخر فقط ، فاستصحاب الجزء الآخر ممّا لا يترتّب عليه حكم شرعي فكيف يجعل الحكم المماثل له بالاستصحاب؟!
الجواب الثاني : أنّ الحكم المترتّب على الموضوع المركّب ينحل تبعا لأجزاء موضوعه ، فينال كلّ جزء مرتبة وحصّة من وجود الحكم ، واستصحاب الجزء يقتضي جعل الحكم المماثل لتلك المرتبة التي ينالها ذلك الجزء بالتحليل.
ونلاحظ على ذلك : أنّ هذا التقسيط تبعا لأجزاء الموضوع غير معقول ؛ لوضوح أنّ الحكم ليس له إلا وجود واحد لا يتحقّق إلا عند تواجد تلك الأجزاء جميعا.
الجواب الثاني : أنّ الحكم وإن كان مترتّبا على الموضوع المركّب ، إلا أنّه ينحلّ تبعا لأجزاء الموضوع ، فكلّ جزء من الموضوع يناله حصّة ومرتبة من الحكم ، وعليه فالجزء الآخر الذي يراد إجراء استصحابه ـ بناء على جعل الحكم المماثل ـ يثبت باستصحابه مرتبة من الحكم مماثلة لتلك المرتبة التي حصل عليها عند انحلال الحكم.
وفيه : أنّه وقع خلط بين انحلال الحكم بلحاظ الموضوع وبلحاظ المتعلّق ، فالحكم ينحلّ إلى أحكام متعدّدة بلحاظ المتعلّق أي أنّه كلّما تحقّق المتعلّق كان له حكم خاصّ به ، ففي قولنا : ( أكرم العالم ) يتعدّد وجوب الإكرام بتعدّد وجود العالم في الخارج ، وكذا في قولنا : ( لا تشرب الخمر ) تتعدّد الحرمة بتعدّد الشرب.
وأمّا بلحاظ الموضوع فلا يتعدّد الحكم ؛ لأنّ الحكم واحد وهو بحسب الفرض مترتّب على ذات الجزءين لا على أحدهما بالخصوص ، وهذا يعني أنّه إذا وجدت الأجزاء جميعا ثبت الحكم وإن لم تثبت لم يكن للحكم وجود أصلا ، لا أنّه يوجد بعض الحصص والمراتب من الحكم ، وإلا لصار الحكم مترتّبا على كلّ جزء جزء بخصوصه وهو خلف المفروض.