الجواب الثالث : أنّ كلّ جزء موضوع لحكم مشروط ، وهو الحكم بالوجوب مثلا على تقدير تحقّق الجزء الآخر ، فاستصحاب الجزء يتكفّل جعل الحكم المماثل لهذا الحكم المشروط.
ونلاحظ على ذلك : أنّ هذا الحكم المشروط ليس مجعولا من قبل الشارع ، وإنّما هو منتزع عن جعل الحكم على الموضوع المركّب ، فيواجه نفس الاعتراض الذي واجهه الاستصحاب في الأحكام المعلّقة.
الجواب الثالث : أنّ الحكم وإن كان مترتّبا على الموضوع المركّب ، إلا أنّه ينحلّ إلى الحكم المشروط بتعدّد الأجزاء ، فيقال : إنّ الملاقاة توجب النجاسة بشرط كون الماء قليلا ، والماء القليل يحكم بانفعاله بشرط تحقّق الملاقاة للنجس ، وهكذا. فكلّ جزء من أجزاء الموضوع يثبت له حكم مشروط.
وعليه ، فاستصحاب الجزء الآخر يترتّب عليه حكم مماثل لهذا الحكم المشروط فيجري استصحابه.
وفيه : أوّلا : أنّ الحكم المشروط هنا ليس مجعولا من الشارع ، بل هو أمر منتزع من جعل الحكم على موضوعه المركّب ، وهذا يعني أنّه لم يثبت الحكم المشروط لكلّ جزء من الأجزاء شرعا.
وثانيا : لو سلّمنا بالحكم المشروط لكلّ جزء من الأجزاء إلا أنّ ترتّب الحكم الفعلي على استصحاب الجزء يبتلي بنفس الإشكال المتقدّم في الاستصحاب التعليقي ـ بناء على كون الفعليّة والمنجّزيّة تابعة لتحقّق الموضوع في الخارج ـ حيث إنّه باستصحاب الجزء يثبت الحكم المشروط فقط ، وهذا وحده لا يكفي للمنجّزيّة والفعليّة ، وإنّما تثبت المنجّزيّة والفعليّة بعد ضمّ الجزء الآخر إليه فينتزع من المجموع تحقّق الموضوع والفعليّة ، وهذا لازم عقلي فيكون من الأصل المثبت.
وبهذا يظهر أنّ هذا الإشكال لا يمكن الجواب عنه إلا بإنكار مسلك جعل الحكم المماثل.
وأمّا النقطة الثانية : فقد ذكر المحقّق النائيني رحمهالله (١) : أنّ الموضوع تارة يكون مركّبا من العرض ومحلّه كالإنسان العادل ، وأخرى مركّبا من عدم العرض
__________________
(١) فوائد الأصول ٤ : ٥٠٤ ـ ٥٠٥.