كالعدالة والإنسان ، فهنا يكون الموضوع المركّب مأخوذا بنحو التقيّد والاتّصاف.
والوجه في ذلك : أنّ العرض يلحظ في معروضه بما هو حالة قائمة به ووصف يحلّ فيه ، فلا يرى ذات العرض وذات المعروض ، وإنّما يرى التقيّد والاتّصاف المنتزع منهما وهو الإنسان العادل لا الإنسان بذاته ولا العدالة بذاتها ، بل الحصّة الخاصّة من الإنسان والعدالة ، فلا الإنسان بأيّ وصف كان ولا العدالة في أيّ محلّ كانت.
ومن هنا لا يجري الاستصحاب بلحاظ ذات الجزء ؛ لأنّه ليس هو موضوع الحكم ، إذ الموضوع هو ذاك العنوان المنتزع والمتحصّل ، وهذا لا يثبت باستصحاب ذات الجزء إلا بالملازمة العقليّة والأصل المثبت.
نعم ، إذا كان التقيّد له حالة سابقة متيقّنة ثمّ شكّ في بقائها وارتفاعها جرى استصحابها ، كما إذا كانت عدالة زيد متيقّنة وشكّ في بقائها فيجري استصحاب اتّصاف زيد بالعدالة ويترتّب عليها الحكم ؛ لأنّ المستصحب هو اتّصاف زيد بالعدالة وتقيّده بها لا العدالة ذاتها ولا زيد ذاته.
وفي الحالة الثانية : يكون تقيّد المحلّ بعدم العرض مأخوذا في الموضوع ؛ لأنّ عدم العرض إذا أخذ مع موضوع ذلك العرض لوحظ بما هو نعت ووصف له ، وهو ما يسمّى بالعدم النعتي تمييزا له عن العدم المحمولي الذي يلاحظ فيه العدم بما هو ، ويترتّب على ذلك أنّ الاستصحاب إنّما يجري في نفس التقيّد والعدم النعتي ؛ لأنّه الدخيل في موضوع الحكم ، فإذا لم يكن العدم النعتي واجدا لركني اليقين والشكّ ، وكان الركنان متوفّرين في العدم المحمولي لم يجر استصحابه ؛ لأنّ العدم المحمولي لا أثر شرعي له بحسب الفرض.
وأمّا الحالة الثانية : وهي ما إذا كانت النسبة بين الجزءين نسبة عدم العرض إلى محلّه ، كالمرأة مع عدم القرشيّة ، فهنا أيضا يكون الموضوع المركّب مأخوذا بنحو التقيّد والاتّصاف.
والوجه في ذلك هو : أنّ عدم العرض كعدم القرشيّة إذا أخذ قيدا في الموضوع الذي يحلّ فيه العرض وهو المرأة التي تعرض عليها القرشيّة ، فهذا معناه أنّ عدم العرض مأخوذ وصفا ونعتا للمحلّ ، فكما تلحظ المرأة مع العرض ويكون العرض وصفا لها كذلك عند ما تلحظ المرأة مع عدم العرض يكون العدم وصفا لها ، وهذا ما يسمّى بالعدم النعتي.