أيضا حتّى بعد ثبوته تعبّدا ، فهذا من الأصل المثبت ؛ لأنّ ثبوت العدم النعتي بعد تحقّق الموضوع بهذا الاستصحاب لازم عقلي ، إذ ما دام العدم ثابتا منذ الأزل فباستصحابه يثبت أيضا إلى ما بعد تحقّق الموضوع ؛ لأنّه عند تحقّق الموضوع لا يعلم بارتفاع هذا العدم فيبقى ، ولازم بقائه إلى حين تحقّق الموضوع كون الموضوع متّصفا به.
وهذه الملازمة عقليّة لما تقدّم من كون الملازمة بين مفاد كان التامّة وكان الناقصة عقليّة لا شرعيّة.
وأمّا في الحالة الثالثة : فلا موجب لافتراض أخذ التقيّد واتّصاف أحد جزأي الموضوع بالآخر ؛ لأنّ أحدهما ليس محلاّ وموضوعا للآخر ، بل بالإمكان أن يفرض ترتّب الحكم على ذات الجزءين ، وفي مثل ذلك يجري استصحاب الجزء لتوفّر الشرط الأوّل.
وأمّا الحالة الثالثة : وهي ما إذا كانت النسبة بين الأجزاء أو الجزءين نسبة العرضين إلى المحلّ الواحد أو نسبة العرضين إلى المحلّين المختلفين ، فهنا كما يمكننا فرض أخذ التقيّد والاتّصاف في الموضوع المركّب من الأجزاء ، كذلك يمكننا فرض كون ذوات الأجزاء هي تمام الموضوع المركّب من دون أخذ الاتّصاف والتقيّد.
والوجه في ذلك : أنّ العرضين الملحوظين في محلّ واحد أو في محلّين ليس أحدهما محلاّ للآخر ، فالعدالة ليست محلاّ للاجتهاد ولا العكس ، وكذا الموت والإسلام ليس أحدهما محلاّ للآخر ، ولذلك لا موجب للتقيّد والاتّصاف بل هو أمر ممكن ، بأن كان أحد العرضين مأخوذا في طول اتّصاف المحلّ بالعرض الأوّل فيكون العرض الثاني وصفا وقيدا للمحلّ المتّصف والمقيّد بالعرض الأوّل ، ويمكن أن يكون الموضوع مركّبا من ذوات الأجزاء أيضا بأن كانت في عرض واحد جميعا حين عروضها على المحلّ ، فيكون المحلّ مركّبا من ذوات الأجزاء.
وبذلك يكون جريان الاستصحاب في الجزء وعدم جريانه متوقّفا على استظهار التقيّد والاتّصاف أو عدم استظهار ذلك.
فإن استظهر التقيّد والاتّصاف لم يجر استصحاب ذات الجزء ؛ لأنّه لا يثبت الاتّصاف والتقيّد إلا بالملازمة العقليّة والأصل المثبت.
وإن استظهر التركيب من ذوات الأجزاء جرى استصحاب ذات الجزء إذا كانت