وأخرى يكون الجزء معلوم الثبوت سابقا ومعلوم الارتفاع فعلا ، ولكنّه مشكوك الارتفاع في فترة سابقة محدّدة هي الفترة التي تحقّق فيها الجزء الأوّل.
مثاله : انفعال الماء بالنجاسة الذي موضوعه الماء القليل والملاقاة للنجاسة ، فهنا يعلم بتحقق الملاقاة في فترة معيّنة ، ولكن يشكّ في كون الماء قليلا حين الملاقاة أي في تلك الفترة ، مع أنّه يعلم بثبوت القلّة سابقا ويعلم بارتفاعها فعلا.
فالحالة السابقة التي كانت متيقّنة ـ وهي كون الماء قليلا ـ يعلم بارتفاعها فعلا الآن ، ولكن يشكّ فيها في فترة محدّدة سابقة وهي فترة تحقّق الملاقاة ، فهل كانت الملاقاة متحقّقة عند ما كان الماء قليلا أو أنّها تحقّقت بعد تبدّلها وصيرورته كرّا؟
ولذلك يشكّ في الحكم ؛ لأنّه إن كانت الملاقاة متحقّقة عند كونه قليلا فيحكم بالانفعال ، وإن تحقّقت عند صيرورته كرّا فيحكم بالاعتصام.
ففي الحالة الأولى لا شكّ في توفّر اليقين بالحدوث والشكّ في البقاء ، فيجري الاستصحاب.
أمّا الحالة الأولى : وهي ما إذا كان الجزء متيقّنا سابقا ومشكوكا لاحقا إلى زمان إجراء الاستصحاب ، فهنا لا إشكال في جريان الاستصحاب لتوفّر أركانه من اليقين بالحدوث والشكّ في البقاء ، فيستصحب بقاء القلّة ويحكم بالانفعال.
وأمّا في الحالة الثانية فقد يستشكل في جريان الاستصحاب في الجزء بدعوى عدم توفّر الركن الثاني وهو الشكّ في البقاء ؛ لأنّه معلوم الارتفاع فعلا بحسب الفرض ، فكيف يجري استصحابه؟
وقد اتّجه المحقّقون في دفع هذا الاستشكال إلى التمييز بين الزمان في نفسه والزمان النسبي ، أي زمان الجزء الآخر ، فيقال : إنّ الجزء المراد استصحابه إذا لوحظ حاله في عمود الزمان المتّصل إلى الآن فهو غير محتمل البقاء للعلم بارتفاعه فعلا.
وإذا لوحظ حاله بالنسبة إلى زمان الجزء الآخر فقد يكون مشكوك البقاء إلى ذلك الزمان ، مثلا عدم الكرّيّة في المثال المذكور لا يحتمل بقاؤه إلى الآن ، ولكن يشكّ في بقائه إلى حين وقوع الملاقاة فيجري استصحابه إلى زمان وقوعها.
وأمّا الحالة الثانية : وهي ما إذا كان الجزء المراد استصحابه معلوم الثبوت سابقا