ومعلوم الارتفاع فعلا ، ولكنّه مشكوك البقاء في فترة وجود الجزء الآخر ـ فهنا قد يقال بعدم جريان الاستصحاب لعدم تماميّة أركانه ، حيث إنّ الركن الثاني وهو الشكّ في البقاء غير محفوظ ؛ لأنّه يعلم بارتفاع الحالة السابقة الآن بالفعل ، فلا موجب لاستصحابها ، إذ كيف يجري استصحابها مع العلم بارتفاعها؟
وقد أجاب المحقّقون عن هذا الاستشكال بالتمييز بين نحوين من الزمان :
١ ـ الزمان المطلق ، وهو ملاحظة الزمان في نفسه على امتداده ، أي ملاحظة عمود الزمان.
٢ ـ الزمان النسبي ، وهو ملاحظة الزمان بالنسبة للجزء الآخر ، أي أنّه في زمن تحقّق الجزء الآخر هل كان الجزء المعلوم ارتفاعه الآن متحقّقا أم لا؟
فإذا لوحظ الزمان في نفسه على امتداده فهو متّصل إلى الآن الفعلي ، وفي هذا الآن الفعلي لا يشكّ في بقاء الجزء ، بل يعلم بارتفاعه فلا يجري استصحابه.
وأمّا إذا لوحظ الزمان النسبي أي لوحظ الشكّ في زمن حصول ذاك الجزء ، فهذا غير معلوم الارتفاع ؛ لأنّه من المحتمل أن يكون الجزء الثاني متحقّقا عند تحقّق الجزء الأوّل ، فيكون الشكّ في البقاء محفوظا.
ففي مثال الملاقاة وعدم الكرّيّة ، فصحيح أنّ عدم الكرّيّة الذي كان معلوما قبل تحقّق الملاقاة قد ارتفع الآن ، إلا أنّ هذا معناه ملاحظة الزمان في نفسه وعلى امتداده ، وأمّا إذا لاحظنا زمان تحقّق الملاقاة ففي هذه الزمان يحتمل بقاء عدم الكرّيّة فيه ويحتمل ارتفاعها أيضا ، ولكن لا يعلم ببقائها أو ارتفاعها وبذلك يكون الشكّ في البقاء محفوظا فيجري الاستصحاب.
وتفصيل الكلام في ذلك : أنّه إذا كان زمان ارتفاع الجزء المراد استصحابه ـ وهو عدم الكرّيّة في المثال ـ معلوما ، وكان زمان تواجد الجزء الآخر ـ وهو الملاقاة في المثال ـ معلوما أيضا ، فلا شكّ لكي يجري الاستصحاب.
ولهذا لا بدّ أن يفرض الجهل بكلا الزمانين ، أو بزمان ارتفاع الجزء المراد استصحابه خاصّة ، أو بزمان تواجد الجزء الآخر خاصّة ، فهذه ثلاث صور ، وقد اختلف المحقّقون في حكمها.
والتحقيق في هذه الحالة أن يقال : إنّ زمان ارتفاع الجزء المراد استصحابه وهو عدم