الكرّيّة في المثال المذكور إن كان معلوما ، وكان زمان الملاقاة أيضا معلوما ، فلا يوجد لدينا شكّ لكي يجري الاستصحاب بل نعمل بحسب علمنا على النحو التالي :
فتارة يفترض كون الملاقاة في الساعة الأولى وارتفاع الكرّيّة إمّا قبلها أو بعدها ، فإن كان ارتفاع عدم الكرّيّة في الثانية فهذا يعني أنّه في الساعة الأولى يحكم بالانفعال وفي الساعة الثانية يحكم بالاعتصام ، وتترتّب الآثار الشرعيّة عليهما.
وإن كان الارتفاع قبل تحقّق الملاقاة فيحكم بالاعتصام في كلّ الساعات ، وهذا واضح ؛ ولذلك لا بدّ من افتراض الجهل لكي يصدق عنوان الشكّ ، والجهل هنا يتصوّر على ثلاث صور :
الصورة الأولى : أن يفرض الجهل بزمان ارتفاع عدم الكرّيّة ، والجهل بزمان الملاقاة أيضا.
الصورة الثانية : أن يفرض العلم بزمان الملاقاة كالساعة الواحدة مثلا ، ويجهل تاريخ ارتفاع عدم الكرّيّة فهل هو قبل الواحدة أو بعدها أو معها؟
الصورة الثالثة : أن يفرض العلم بزمان ارتفاع عدم الكرّيّة كالساعة الواحدة مثلا ، ولكن زمان الملاقاة مجهول هل هو قبل أو بعد أو مع زمان الارتفاع؟
فهذه ثلاث صور تفترض للشكّ في البقاء ، وأمّا حكمها فهو :
فذهب جماعة من المحقّقين منهم السيّد الأستاذ (١) إلى جريان الاستصحاب في الصور الثلاث ، وإذا وجد له معارض سقط بالمعارضة.
وذهب بعض المحقّقين (٢) إلى جريان الاستصحاب في صورتين ، وهما :
صورة الجهل بالزمانين أو الجهل بزمان ارتفاع الجزء المراد استصحابه ، وعدم جريانه في صورة العلم بزمان الارتفاع.
وذهب صاحب ( الكفاية ) (٣) إلى جريان الاستصحاب في صورة واحدة ، وهي صورة الجهل بزمان الارتفاع مع العلم بزمان تواجد الجزء الآخر ، وأمّا في صورتي الجهل بكلا الزمانين أو العلم بزمان الارتفاع فلا يجري الاستصحاب.
__________________
(١) مصباح الأصول ٣ : ١٧٧.
(٢) منهم المحقّق النائيني في فوائد الأصول ٤ : ٥٠٨ ـ ٥١٠.
(٣) كفاية الأصول : ٤٧٧ ـ ٤٧٨.