من دون تقيّد واتّصاف أحدهما بالآخر ، فهذا وإن كان معقولا في نفسه إلا أنّ استصحاب عدم الكرّيّة في صورة العلم بزمان ارتفاعه لا يجري.
والوجه في ذلك : أنّ استصحاب بقاء القلّة أو عدم الكرّيّة ـ الذي يعلم بزمان ارتفاعه كالظهر مثلا ـ إن أريد به إثبات بقاء القلّة وعدم الكرّيّة إلى الزمان المتّصف والمقيّد بأنّه زمان الملاقاة واقعا والذي يشكّ فيه لأنّه مجهول ، فزمان الملاقاة ـ حيث إنّه مجهول فيحتمل تقدّمه أو تأخّره أو مقارنته لزمان ارتفاع القلّة وعدم الكرّيّة ـ وإن كان يصدق عنوان الشكّ في بقاء عدم الكرّيّة إلى حين تحقّق الملاقاة واقعا ، إلا أنّ رفع اليد عن عدم الكرّيّة يحتمل فيه أن يكون من باب رفع اليد عن اليقين باليقين لا الشكّ من جهة العلم بزمان ارتفاعه المحتمل أن يكون قبل تحقّق الملاقاة ، وبالتالي لا يصدق كونه من باب رفع اليد عن اليقين بالشكّ ، وقد تقدّم سابقا أنّه إذا كان رفع اليد عن الحالة السابقة باليقين ولو احتمالا كفى ذلك في المنع عن جريان الاستصحاب.
ولا يمكننا هنا أن نجري استصحاب عدم الكرّيّة إلى حين زمان الملاقاة بما هو مقيّد ومتّصف به ؛ لأنّه خلاف الفرض ، إذ المفروض هنا أنّ الحكم ليس مترتّبا على عدم الكرّيّة المقيّد بالآخر.
وإن أريد به استصحاب بقائه إلى واقع زمان الملاقاة على نحو يكون قولنا : ( زمان الملاقاة ) مجرّد مشير إلى واقع ذلك الزمان ، فهذا هو موضوع الحكم ، ولكن واقع هذا الزمان يحتمل أن يكون هو الزوال للتردّد في زمان الملاقاة ، والزوال زمان يعلم فيه بارتفاع عدم الكرّيّة ، فلا يقين إذن بثبوت الشكّ في البقاء في الزمان الذي يراد جرّ المستصحب إليه.
وإن أريد باستصحاب عدم الكرّيّة أو القلّة إلى واقع زمان الملاقاة من دون التقيّد والاتّصاف بينهما ، فهذا وإن كان صحيحا في نفسه لأنّ موضوع الحكم الشرعي هو ثبوت عدم الكرّيّة في واقع زمان الملاقاة بحيث يكون عنوان ( زمان الملاقاة ) عنوانا مشيرا إلى الزمان الواقعي ، إلا أنّ واقع زمان الملاقاة مردّد بين زمانين قبل الزوال وبعده ، وهذا التردّد يعني أنّ زمان الملاقاة لو فرض كونه هو الزوال أيضا فهذا معناه عدم تحقّق موضوع الحكم الشرعي ؛ لأنّ الزوال هو الزمان الذي يعلم فيه بارتفاع عدم الكرّيّة ،