العلم الإجمالي بوجوب زائد متعلّق إمّا بالتقيّد بوجود ذلك الشيء أو بالتقيّد بعدمه. وفي مثل ذلك يكون هذا العلم الإجمالي منجّزا وتتعارض أصالة البراءة عن الجزئيّة مع أصالة البراءة عن المانعيّة ، فيجب على المكلّف الاحتياط بتكرار العمل مرّة مع الإتيان بذلك الشيء ومرّة بدونه.
هذا فيما إذا كان في الوقت متّسع ، وإلا جازت المخالفة الاحتماليّة بملاك الاضطرار وذلك بالاقتصار على أحد الوجهين.
التنبيه الثاني : فيما إذا دار الأمر بين كون شيء جزءا أو مانعا :
مثاله ما إذا شكّ في أنّ كلمة ( آمين ) أو ( التكفير ) مثلا هل هو جزء من الصلاة أو مانع من الصلاة؟
ومرجع هذا الشكّ في الحقيقة إلى العلم الإجمالي بوجوب زائد ، وهذا الوجوب الزائد يتردّد أمره بين تقيّد المركّب بأمر وجودي بناء على الجزئيّة ، أو تقيّده بأمر عدمي بناء على المانعيّة ؛ لأنّ الجزئيّة معناها كون وجود التأمين أو التكفير جزءا واجبا في المركّب ، والمانعيّة معناها كون عدم التأمين أو التكفير جزءا واجبا في المركّب. فيعود الدوران في الحقيقة بين شيئين متباينين ؛ لأنّ وجود التأمين أو التكفير مغاير لعدم التكفير أو التأمين ، إذ الوجود والعدم لا يجتمعان ، بل هما متباينان.
وفي مثل ذلك يكون لدينا علم إجمالي منجّز لدورانه بين المتباينين ؛ لأنّ البراءة عن كونه جزءا تتعارض مع البراءة عن كونه مانعا ، فتجب الموافقة القطعيّة وتحرم المخالفة القطعيّة.
ولكن حيث إنّ المخالفة القطعيّة والموافقة القطعيّة غير ممكنتين ؛ لأنّ هذا الأمر المردّد بين الجزئيّة أو المانعيّة يتردّد في الحقيقة بين وجوده أو عدمه ، والوجود والعدم لا يجتمعان ولا يرتفعان فلا تمكن المخالفة أو الموافقة ، إلا أنّ هذا إنّما هو في الفعل الواحد للمركّب ، ولكن بلحاظ تكرار المركّب يمكن فيه الموافقة القطعيّة ، وذلك بأن يأتي بالفعل الأوّل مع الجزء ويأتي بالفعل الثاني من دون الجزء.
ولذلك يحكم في هذه الصورة بوجوب الاحتياط بتكرار العمل مرة واجدا للشيء ، وأخرى فاقدا له ، وبهذا تتحقّق الموافقة القطعيّة للعلم الإجمالي ؛ لأنّها ممكنة ومقدور عليها ، ولا يكفيه الموافقة الاحتماليّة عندئذ.