في جزئيّتهما الإتيان بهما بقصد القربة ، فهنا يمكن للمكلّف المخالفة القطعيّة ، وذلك بأن يأتي بالشيء لا بقصد القربة فإنّه على تقدير كونه جزءا فقد خالف ؛ لأنّه لم يأت بالجزء بقصد القربة والذي هو شرط في تحقّق الجزئيّة بحسب الفرض.
وعلى تقدير كونه مانعا فلم يتركه أي أنّه أوجد المانع مع أنّ المطلوب منه إعدام المانع ، فقد خالف أيضا (١).
وبهذا يكون جريان البراءة عن كونه جزءا وجريان البراءة عن كونه مانعا مؤدّيا إلى المخالفة القطعيّة ، فالركن الرابع محفوظ ولذلك تتعارض البراءتان وتتساقطان ؛ لأنّه لا يمكن الأخذ بهما معا ولا يمكن الأخذ بأحدهما دون الآخر ؛ لأنّ الأوّل مخالفة قطعيّة والثاني ترجيح بلا مرجّح.
فالصحيح ما ذكرناه من لزوم الاحتياط بتكرار العمل مرّة مع الشيء ومرّة من دونه.
كما قد يعلم إجمالا بواجب مردّد بين التسعة والعشرة ، كذلك قد يعلم بحرمة شيء مردّد بين الأقلّ والأكثر ، كما إذا علم بحرمة تصوير رأس الحيوان أو تصوير كامل حجمه.
ويختلف الدوران المذكور في باب الحرام عنه في باب الواجب من بعض الجهات :
التنبيه الثالث : فيما إذا دار الأمر بين الأقلّ والأكثر في المحرّمات.
كما إذا علم بحرمة التصوير وشكّ في أنّ هذه الحرمة مختصّة بتصوير الرأس أو أنّها شاملة لتصوير تمام الشكل ، فهنا يدور الأمر بين المتباينين إمّا حرمة تصوير الرأس فقط ، وإمّا حرمة تصوير تمام الشكل.
وهنا الحكم نفس الحكم المتقدّم في دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر في الوجوبات
__________________
(١) قد يقال : إنّ قصد القربة لمّا كان دخيلا في الشيء المردّد كما هو الفرض فكما لا تتحقق الجزئيّة بالإتيان به من دون قصد القربة كذلك لا تتحقق المانعية لأن المانع ليس هو ذات الشيء بل هو معه مضافا إلى قصد القربة ، ولذلك لا يبطل الصلاة الإتيان به من دون قصد الجزئيّة حتى لو كانت مانعيته معلومة قطعا.