الأكثر كان العنوان منطبقا عليه ، وإن كان عبارة عن المفهوم الأقلّ لم يكن عنوان الفسق منطبقا عليه ؛ لأنّه لم يرتكب الذنب الكبير في الفرض المذكور.
وفي هذه الحالة نقول : إنّ دلالة العامّ تشمل هذا الفرد المشكوك قطعا لكونه فقيرا ، فالمقتضي لإكرامه موجود ، وأمّا المانع وهو إثبات كونه فاسقا فهذا غير معلوم ، بسبب الشكّ في مفهوم الفسق المؤدّي إلى الشكّ في كون هذا الفرد داخلا تحت الخاصّ أو غير داخل تحته ، ممّا يعني أنّ دلالة الخاصّ فيه غير محرزة ولا يعلم شمولها له ، وحينئذ نطبّق القاعدة المتقدّمة من أنّ الدلالة المحرزة لا نرفع اليد عنها إلا مع ثبوت دلالة أقوى منها ، وهذه الدلالة الأقوى غير ثابتة ولا محرزة في مقامنا ، هذا بشكل مجمل.
وأمّا تفصيل الكلام فهو كما يلي :
فإن قيل : ألا يأتي هنا نفس ما ذكر في الإجابة الثانية في القسم الأوّل لإبطال التمسّك بالعام؟
كان الجواب : أنّ ذلك لا يأتي ، ويتّضح ذلك بعد بيان مقدّمة ، وهي :
قد يقال : إنّ هذا المورد كالمورد السابق لا يمكن التمسّك بالعامّ فيه ؛ وذلك لأنّ الإجابة الثانية هناك تأتي هنا ، فيقال : إنّ التمسّك بالعامّ إذا أريد به إثبات الوجوب على تقدير عدم الفسق ، فهذا وإن كان صحيحا في نفسه ولكنّه لا يجدي نفعا ؛ لأنّه يثبت الحكم التقديري ونحن نريد إثبات الحكم الفعلي.
وإذا أريد به إثبات الوجوب على تقدير فسقه ، فهذا لا يمكن الأخذ به ؛ لأنّه إذا كان فاسقا فيكون مشمولا لدلالة الخاصّ الأقوى ، وإذا أريد به إثبات الوجوب عن طريق إثبات عدم الفسق فعلا في الخارج فهذا هو المطلوب ، ولكن إثبات عدم الفسق عن الفرد معناه النظر إلى الحكم الفعلي المجعول والمفروض أنّ الحكم لا ينظر إلا إلى عالم الجعل فقط ، وبهذا يظهر أنّه لا يوجد معنى محصّل للتمسّك بالعامّ.
والجواب عن ذلك يتّضح بعد ذكر هذه المقدّمة ، وهي تشتمل على أمور ثلاثة :
إنّ المخصّص القائل : ( لا تكرم فسّاق الفقراء ) يكشف عن دخالة قيد في موضوع وجوب الإكرام زائد على الفقير ، غير أنّ هذا القيد ليس هو ألاّ يسمّى الفقير فاسقا فإنّ التسمية بما هي ليس لها أثر إثباتا ونفيا ، ولهذا لو تغيّرت اللغة