ودلالاتها لما تغيّرت الأحكام ، بل القيد هو ألاّ تتواجد فيه الصفة الواقعيّة للفاسق سواء سمّيناه فاسقا أو لا.
الأمر الأوّل : أنّ الأحكام تابعة للعنوان الواقعي لا لمجرّد التسمية اللفظيّة.
ففي مقامنا حيث ورد المخصّص المخرج للفسّاق ، فهذا معناه أنّه يكشف عن كون العامّ ليس موضوعه خصوص الفقير ، بل هناك قيد آخر فيه ، وهو ألاّ يكون الفقير فاسقا ، فيكون موضوع العامّ على ضوء المخصّص هو وجوب إكرام الفقير غير الفاسق.
وهذا القيد ( غير الفاسق ) دخيل في موضوع حكم العامّ ليس على أساس التسمية اللفظيّة فقط ، وإنّما بما هو يحكي عن الواقع ؛ وذلك لأنّ الأحكام وإن كانت تتعلّق بالعناوين ولكنّها تتعلّق بها بما هي حاكية وكاشفة عن الواقع ، لا بما هي مجرّد عناوين وألفاظ مجرّدة عن المضمون والمحتوى ؛ لأنّ مجرّد التسمية اللفظيّة بما هي هي ليس لها أثر إثباتي ولا سلبي ، ولهذا لو فرضنا أنّ زيدا كان مرتكبا للذنب الكبير فإذا أبدلنا لفظة الفاسق بغيرها لا يعني أنّه قد تغيّر واقع زيد ولم يعد مرتكبا للكبيرة ، وهكذا لو أبدلنا اللفظ فلا يتغيّر الحكم.
والحاصل : أنّ القيد المأخوذ في موضوع الحكم هو القيد بما يحكيه عن الصفة الواقعيّة للفاسق سواء كان اسمه فاسقا في اللغة أو تغيّر إلى اسم آخر ، فإنّ التسمية اللفظيّة مجرّد اعتبار وهو سهل المئونة.
وتلك الصفة الواقعيّة مردّدة بحسب الفرض بين ارتكاب الذنب أو ارتكاب الكبائر خاصّة ، وحيث إنّ ارتكاب الكبائر هو المتيقّن ، فنحن نقطع بأنّ عدم ارتكابها قيد دخيل في موضوع الحكم بالوجوب ، وأمّا عدم ارتكاب الصغيرة فنشكّ في كونه قيدا فيه.
الأمر الثاني : في أنّ العنوان المردّد هو الصفة الواقعيّة.
وهنا حيث إنّ قيد ( غير الفاسق ) قد أخذ في موضوع الحكم في العامّ ، وحيث إنّ مفهوم الفاسق مردّد بين عنوانين النسبة بينهما الأقلّ والأكثر ، فسوف يكون لدينا قدر متيقّن معلوم ومحرز يقينا ؛ لأنّ الأقلّ معلوم على كلّ حال ، إمّا مستقلاّ وإمّا ضمنا.
فالفاسق حيث يدور أمره واقعا بين مرتكب مطلق الذنب الذي هو الأكثر ، وبين مرتكب الكبيرة خاصّة وهو الأقلّ ، فالقدر المتيقّن منه هو الأقلّ ؛ لأنّنا نجزم بدخول