نصّ في مورده ؛ لأنّ دلالته وجوديّة وإيجابيّة ، بينما المفهوم ظاهر في المورد ؛ لأنّ دلالته عدميّة وسلبيّة. ومن الواضح أنّ الدلالة الإيجابيّة والوجوديّة أقوى من الدلالة السلبيّة العدميّة ؛ لأنّها أقوى ظهورا.
فمثلا المنطوق في الجملة الأولى يثبت وجوب التقصير عند خفاء الأذان بالنصّ على ذلك ، بينما المفهوم في الأخرى ينفي وجوب التقصير عند خفاء الأذان فيما إذا لم تختف الجدران ، إلا أنّ هذا النفي بالدلالة السلبيّة العدميّة.
وهكذا الحال في الجملة الثانية.
الثاني : أن يقال بأنّ المنطوق أخصّ من المفهوم فيقدّم عليه من باب تقدّم الخاصّ على العامّ ، والوجه في كون المنطوق أخصّ والمفهوم أعمّ هو أنّ المنطوق في الجملة الأولى لا يشمل إلا موردا واحدا فقط وهو ثبوت التقصير عند خفاء الأذان ، بينما المفهوم في الجملة الثانية ينفي وجوب التقصير عند عدم خفاء الجدران في موردين : أحدهما ما إذا خفي الأذان ، والآخر ما إذا لم يختف الأذان ، فإنّه في كلا الموردين ينتفي وجوب التقصير بالمفهوم ما دامت الجدران قد اختفت.
وهكذا الحال بالنسبة للمنطوق في الجملة الثانية فإنّه أخصّ من المفهوم في الجملة الأولى.
وحينئذ يتقدّم المنطوق في كلّ منهما على المفهوم في الأخرى ، ومع الأخذ بالمنطوقين يثبت أنّ كلا منهما علّة مستقلّة لوجوب التقصير.
وهذا ما ذهب إليه المشهور أيضا من تقديم المنطوق على المفهوم فيكون خفاء الأذان أو خفاء الجدران علّة للتقصير.
ونلاحظ على ذلك : منع الأظهريّة ومنع الأخصّيّة.
أمّا الأوّل : فلأنّ الدلالة على المفهوم مردّها إلى دلالة المنطوق على الخصوصيّة التي تستتبع الانتفاء عند الانتفاء ، فالتعارض دائما بين منطوقين.
والصحيح : منع الأظهريّة والأخصّيّة أيضا.
أمّا الأوّل : فما ذكر من كون المنطوق أظهر من المفهوم دائما على أساس كونه دلالة وجوديّة إيجابيّة بينما المفهوم دلالته عدميّة سلبيّة غير تامّ ؛ وذلك لأنّ دلالة الجملة الشرطيّة على المفهوم مرجعها في الحقيقة إلى دلالة المنطوق في الشرطيّة على