وجود الخصوصيّة المستتبعة للانتفاء عند الانتفاء ، وهي العلّة التامّة المنحصرة على رأي المشهور أو التوقّف والالتصاق والتعليق على رأي السيّد الشهيد.
وهذا معناه أنّ دلالة المفهوم مرتبطة بدلالة المنطوق وليست دلالة مستقلّة عنها ، وهذا يفترض أن يكون التعارض بين المنطوقين في الجملتين الدالّين على هذه الخصوصيّة ؛ لأنّه لو لم يكونا دالّين على الخصوصيّة أو أحدهما على الأقلّ لم يحصل التعارض أصلا ، فحصول التعارض بين الجملتين مرتبط بالمنطوقين.
وأمّا مجرّد كون المفهوم دلالة سلبيّة عدميّة وكون المنطوق دلالة وجوديّة إيجابيّة ، فهذا وحده غير كاف ؛ لأنّ عنواني المنطوق والمفهوم بما هما كذلك ليسا هما السبب والمناط في الأظهريّة والأقوائيّة ، بل لا بدّ من وجود نكتة غيرهما لإثبات الأظهريّة والأقوائيّة.
وأمّا الثاني : فلأنّنا لا بدّ أن نلتزم إمّا بافتراض الشرطين علّتين مستقلّتين للجزاء ، وهذا يعني تقييد المفهوم ، وإمّا بافتراض أنّ مجموع الشرطين علّة واحدة مستقلّة ، وهذا يعني الحفاظ على إطلاق المفهوم وتقييد المنطوق في كلّ من الشرطيّتين بانضمام شرط الأخرى إلى شرطها.
فالتعارض إذا بين إطلاق المنطوق وإطلاق المفهوم ، والنسبة بينهما العموم من وجه. فالصحيح أنّهما يتعارضان ويتساقطان ولا جمع عرفي.
وأمّا الثاني : فما ذكر من كون المنطوق أخصّ من المفهوم غير صحيح ؛ وذلك لأنّ المنطوق فيه إطلاق كالمفهوم.
وبيان ذلك : أنّ جملة : ( إذا خفي الأذان فقصّر ) المنطوق فيها يدلّ على أنّ خفاء الأذان علّة تامّة منحصرة لوجوب التقصير سواء خفيت الجدران معه أو لا ، وهذا يعني أنّه يثبت الحكم عند ثبوت الشرط مطلقا ، فمتى ما تحقّق الشرط في جميع حالاته أي سواء وجد معه شيء أو لحقه شيء أو وجد قبله شيء فهو العلّة التامّة للجزاء وليس جزء العلّة ، وهذا ما يسمّى بالإطلاق المقابل للتقييد بـ ( الواو ) ؛ لأنّه لو كان جزء العلّة لكان اللازم التقييد بـ ( الواو ) فيقال : « إذا خفي الأذان وخفيت الجدران فقصّر » ، إذن فالمنطوق مطلق بالإطلاق المقابل للتقييد بالواو.
وهكذا الحال بالنسبة لجملة : ( إذا خفيت الجدران فقصّر ) فإنّ المنطوق فيها مطلق بالإطلاق المقابل للتقييد بـ ( أو ) أيضا.