عن إطلاق المنطوق ، وحيث إنّه يمكن الجمع العرفي فلا يصار إلى التعارض والتساقط كما هو واضح.
وبذلك يظهر أنّ ما ذهب إليه المشهور هو الصحيح.
٣ ـ إذا تعارض دليل إلزامي ودليل ترخيصي بالعموم من وجه قدّم الدليل الإلزامي.
وقد يقرّب ذلك بأنّ الدليل الترخيصي ليس مفاده عرفا إلا أنّ العنوان المأخوذ فيه لا يقتضي الإلزام ، فإذا فرض عنوان آخر أعمّ منه من وجه دلّ الدليل الإلزامي على اقتضائه للإلزام أخذ به ؛ لعدم التعارض بين الدليلين.
وهذا في الحقيقة ليس من الجمع العرفي ؛ لأنّ الجمع العرفي يفترض وجود التعارض بين الدليلين قبل التعديل والبيان المذكور يوضّح عدم التعارض رأسا.
التطبيق الثالث : في التعارض بين دليل إلزامي وآخر ترخيصي بالعموم من وجه ؛ كما إذا ورد : ( يجب إكرام العالم ) ، وورد : ( لا بأس بإكرام الفقير ، أو يجوز إكرام الفقير ، أو يجوز عدم إكرام الفقير ) ، فإنّ الدليل الأوّل يدلّ على الإلزام والوجوب لإكرام العالم سواء كان فقيرا أم لا ، بينما الدليل الثاني بألسنته المختلفة يدلّ على الترخيص في الإكرام وعدمه للفقير سواء كان عالما أم لا ، فيجتمعان في العالم الفقير ويقع التعارض بينهما بلحاظه ؛ لأنّ دليل الإلزام يشمله بما هو عالم بينما دليل الترخيص يجوّز ترك إكرامه كما يجوّز إكرامه أيضا باعتباره فقيرا ، والأحكام الشرعيّة متضادّة فيما بينها فلا تجتمع معا ، إلا أنّ هذا التعارض يمكن حلّه ؛ وذلك بتقديم دليل الإلزام على دليل الترخيص.
وقد يقال في تقريب ذلك : إنّ دليل الترخيص ليس مفاده بأكثر من أنّ العنوان فيه لا يقتضي بنفسه الإلزام ، أي أنّ عنوان ( الفقير ) لا يقتضي أن يكون الحكم إلزاميّا من هذه الجهة ، بينما دليل الإلزام يدلّ على أنّ العنوان فيه وهو ( العالم ) يقتضي الإلزام حتّى لو كان مجتمعا مع الفقير ، فيكون الإلزام في ( الفقير العالم ) من جهة علمه لا من جهة فقره ، ولذلك لا يقع التعارض بينهما.
ويلاحظ على هذا التقريب : إنّه ينفي أصل وقوع التعارض بين الدليلين ، وليس بابه باب الجمع العرفي ؛ لأنّ الجمع العرفي بين الدليلين يفترض مسبقا أن يكون هناك