تعارض بين الدليلين لو لا هذا الجمع ، وبهذا الجمع والتعديل في دلالة أحدهما أو كليهما ينحلّ التعارض.
وأمّا هنا فالتقريب المذكور يوضّح أنّه لا يوجد تعارض أصلا ليحلّ بالجمع العرفي ـ كما هو الصحيح ـ لأنّ دليل الإلزام ودليل الترخيص يمكن الأخذ بهما معا في مورد اجتماعهما من دون أيّ محذور لعدم المنافاة بينهما ، فيكون ( الفقير العالم ) من جهة فقره لا اقتضاء فيه لكون إكرامه واجبا ، بينما من جهة علمه يكون فيه اقتضاء للإلزام بإكرامه ، وهذا ليس من اجتماع حكمين متضادّين على موضوع واحد ؛ لأنّ العنوان والجهة في كلّ منهما مختلف عن الآخر ، نظير انتزاع أكثر من صفة وعنوان من زيد يكون إكرامه على أساس بعضها واجبا وعلى أساس البعض الآخر غير واجب ، فهذا المورد ليس من الجمع العرفي ؛ لعدم التعارض ولو بنحو غير مستقرّ بين الدليلين.
٤ ـ إذا تعارض إطلاق شمولي وآخر بدلي بالعموم من وجه : فإن كان أحد الدليلين دالاّ على الإطلاق بالوضع والأداة والآخر بقرينة الحكمة قدّم ما كان بالوضع سواء اتّصل بالإطلاق الآخر أم انفصل عنه.
أمّا في حالة الاتّصال فلأنّه بيان للقيد ، فلا يسمح لقرينة الحكمة بالجريان وتكوين الإطلاق. وأمّا في حالة الانفصال فللأظهريّة والقرينيّة.
وإذا كان كلاهما بالوضع أو بقرينة الحكمة فهناك قولان : أحدهما أنّهما متكافئان فيتساقطان معا ، والآخر تقديم الشمولي على البدلي.
ويمكن أن يفسّر ذلك بعدّة أوجه :
التطبيق الرابع : فيما إذا تعارض إطلاق شمولي وآخر بدلي بالعموم من وجه ، فهنا صورتان :
الصورة الأولى : ما إذا كان أحد الدليلين دالاّ على الإطلاق بالوضع والأداة والآخر بقرينة الحكمة ؛ كما إذا قيل : ( لا تكرم كلّ فاسق ) ، وقيل : ( أكرم فقيرا ) ، فإنّ دلالة الأوّل على الإطلاق والشموليّة وضعيّة ؛ لأنّ الأداة موضوعة للعموم أي لاستيعاب كلّ ما يصلح أن ينطبق عليه المدخول ، بينما دلالة الثاني على البدليّة بالإطلاق وقرينة الحكمة ؛ لأنّه بالإطلاق وقرينة الحكمة يثبت كون المراد الطبيعة ،