الشرعي عن الإتيان بالمتعلّق ؛ لأنه إذا كان ممنوعا شرعا عن الإتيان بالمتعلّق فيكون عاجزا شرعا عنه فلا يمكنه الإتيان به ، فيسقط التكليف عن الفعليّة فيه أيضا.
وهنا حيث ورد : ( لا تكرم الفاسق ) فيكون هناك منع شرعي من إكرام الفقير الفاسق ، وهذا معناه أنّ خطاب ( أكرم فقيرا ) يكون دائرا بين فردين : أحدهما الفقير العادل ، والآخر الفقير الفاسق ، أي بين الفرد المقدور والفرد غير المقدور شرعا ، ولمّا كان التكليف بالجامع بين الفردين مستحيلا وغير معقول ، فيكون التكليف بإكرام الفقير الجامع بين الفردين المذكورين غير معقول أيضا ، فيرتفع بارتفاع موضوعه.
وهذا معناه أنّ خطاب ( لا تكرم فاسقا ) يكون واردا على خطاب ( أكرم فقيرا ) ؛ لأنّه يرفع موضوعه بإثبات المانع الشرعي فتنتفي القدرة الشرعيّة التي هي شرط في التكليف ، ومع انتفائها يرتفع التكليف ، وبذلك لا تكون هناك معارضة بينهما ، أو أنّ هذه المعارضة ترتفع بالورود.
وفيه : أنّه مبني على أن يكون الجامع بين المقدور وغير المقدور مستحيلا ، وقد تقدّم منّا سابقا إمكانه ، ومبني أيضا على أن تكون القدرة الشرعيّة مأخوذة في التكليف كالقدرة العقليّة.
وقد عرفت سابقا أيضا بأنّ التكليف مشروط بالقدرة العقليّة بالمعنى الأعمّ الشامل لما إذا كان هناك مانع تكويني أو كان مشتغلا بتكليف لا يقل أهميّة عنه ، وأمّا القدرة الشرعيّة بمعنى عدم المانع الشرعي فهي ليست مأخوذة قيدا في التكليف ، فهذا الوجه غير تامّ.
الثالث : أنّ خطاب ( لا تكرم الفاسق ) لا يعارض في الحقيقة وجوب إكرام فقير ما الذي هو مدلول خطاب ( أكرم فقيرا ) ، بل يعارض الترخيص في تطبيق الإكرام الواجب على إكرام الفقير الفاسق ، وهذا يعني أنّ التعارض يقوم في الواقع بين دليل الإلزام في الخطاب الشمولي ودليل الترخيص في الخطاب البدلي ، وقد تقدّم أنّه متى تعارض دليل الترخيص مع دليل الإلزام قدّم الثاني على الأوّل.
الوجه الثالث : ما لعلّه يستفاد من بعض المباني التي ذكرها صاحب ( الكفاية ) من تقديم الحكم الإلزامي على الترخيصي ، فإنّه يقال هنا : إنّ خطاب ( لا تكرم الفاسق ) وخطاب ( أكرم فقيرا ) لا معارضة بينهما في ذاتهما ؛ لأنّه يمكن الجمع بينهما بإكرام الفقير العادل.
وإنّما التعارض بينهما ينشأ من دلالة خطاب ( أكرم فقيرا ) على جواز تطبيق الحكم