٥ ـ إذا تعارض أصل مع أمارة ، كالرواية الصادرة من ثقة فالتعارض ـ كما أشرنا سابقا (١) ـ إنّما هو بين دليل حجيّة الأصل ودليل حجيّة تلك الرواية.
إذا تعارض الأصل ( كالاستصحاب أو البراءة أو الاحتياط أو أصالة الطهارة أو الحلّيّة ) مع الأمارة كخبر الثقة.
فهنا لا إشكال بينهم في تقديم الأمارة على الأصل وإنّما الخلاف في الوجه الفنّي والصناعي للتقديم.
وقد تقدّم سابقا أنّ التعارض لا يكون بين الأمارة والأصل نفسه ؛ لأنّ الأصل عبارة عن جعل شرعيّ على موضوعه ، وإنّما بين الدليل الدالّ على حجّيّة الأمارة والدليل الدالّ على حجّيّة الأصل ، أي بين السيرة العقلائيّة أو المتشرّعيّة الدالّة على حجّيّة الأمارة وبين الدليل الدالّ على حجّيّة الأصل وهو الروايات الدالّة على البراءة أو الاستصحاب ونحوهما من الأصول.
وهنا يوجد اتّجاهان رئيسان :
وفي مثل ذلك قد يقال بالورود ، بتقريب : أنّ موضوع دليل الأصل هو عدم العلم بما هو دليل ، ودليل حجّيّة الخبر يجعل الخبر دليلا ، فيرفع موضوع دليل الأصل حقيقة ، وهو معنى الورود.
ولكنّ أخذ العلم في دليل الأصل بما هو دليل لا بما هو كاشف تامّ يحتاج إلى قرينة ؛ لأنّ ظاهر الدليل في نفسه أخذ العلم فيه بوصفه الخاصّ.
الاتّجاه الأوّل : تقديم الأمارة على الأصل على أساس الورود ، والورود معناه كما تقدّم الرفع الحقيقي للموضوع : إمّا تكوينا وإمّا ادّعاء.
وهنا يقال بالورود الحقيقي ؛ وذلك لأنّ العلم له أربع خصائص ، هي :
__________________
(١) في تمهيد بحث التعارض ، تحت عنوان : ما هو التعارض المصطلح؟