وشمول دليل الحجّيّة لأحدهما غير المعيّن بأن يكون دليل الحجّيّة شاملا لهما على سبيل التخيير لا التعيين ، فهذا مخالف لما هو الظاهر والمفهوم عرفا من مفاد دليل الحجّيّة وكون الحجّيّة تعينيّة لا تخييريّة ؛ لأنّ مرجع التخيير إلى الأخذ بأحدهما مشروطا بترك الآخر ، أو أن يكون الأخذ بأحدهما قيدا لحجّيّته نفسه ، وكلاهما مستحيل ، وحينئذ يتعيّن التساقط.
ونلاحظ من خلال هذا البيان أنّ الانتهاء إلى التساقط يتوقّف على إبطال الشقوق الثلاثة الأولى ، فلنتكلّم عن ذلك :
إذا قول المشهور بالتساقط ناتج عن كون الشقوق الثلاثة المحتملة كلّها غير معقولة ولا يمكن الأخذ بها ، وهذا لازمه أنّه إذا أمكننا إثبات إمكان أحد هذه الاحتمالات فلا يصار إلى التساقط عندئذ ، فتكون مقالة المشهور مرهونة بإبطال هذه الاحتمالات الثلاثة.
ومن هنا كان لا بدّ من استعراض هذه الشقوق لنرى مدى إمكانيّة إثبات بطلانها أو عدم ذلك ، فنقول :
أمّا الشقّ الأوّل ـ وهو شمول دليل الحجّيّة لهما معا ـ فقد يقال : إنّ الدليلين المتعارضين تارة يكون مفاد أحدهما إثبات حكم إلزامي ومفاد الآخر نفيه ، وأخرى يكون مفاد كلّ منهما حكما ترخيصيّا ، وثالثة مفاد كلّ منهما حكما إلزاميّا.
أمّا الشقّ الأوّل ـ وهو عدم معقوليّة شمول دليل الحجّيّة للدليلين المتعارضين معا ـ فقد يقال : إنّ شمول دليل الحجّيّة للمتعارضين قد يعقل في بعض الموارد ولذلك يكون الشقّ الأوّل غير مطّرد دائما في جميع الموارد.
وتوضيح ذلك : أنّ الدليلين المتعارضين يمكن تقسيمهما بلحاظ مفاديهما إلى ثلاثة أقسام :
١ ـ أن يكون مفاد أحدهما إثبات حكم إلزامي بينما مفاد الآخر نفي هذا الحكم ، كما إذا قيل : ( يجب الدعاء عند رؤية الهلال ) ، وقيل : ( لا يجب الدعاء عند رؤية الهلال ).
٢ ـ أن يكون مفاد كلّ منهما إثبات حكم ترخيصي ، كما إذا قيل : ( يستحب