موضوع الحجّيّة أي حجّيّة خبر الثقة يشملهما معا على حدّ واحد لكونهما واجدين لتمام الشرائط المعتبرة ، وليس أحدهما رافعا لموضوع الآخر ليحكم بسقوطه رأسا ، ولذلك لا بدّ من علاج هذا التعارض ؛ لأنّ كلاّ منهما يحكي ويكشف عن مدلول وجعل مخالف للآخر.
إذن يدخل في موضوع التعارض خصوص الدليلين المحرزين الظنّيّين فقط دون غيرهما.
وإنّما يتحقّق التعارض بين دليلين ظنّيّين ؛ وهذان الدليلان إمّا أن يكونان دليلين لفظيّين ، أو غير لفظيّين ، أو مختلفين من هذه الناحية.
فإن كانا دليلين لفظيين ـ أي كلامين للشارع ـ فالتعارض بينهما على قسمين :
أحدهما : التعارض غير المستقرّ ، وهو التعارض الذي يمكن علاجه بتعديل دلالة أحد الدليلين وتأويلها بنحو ينسجم مع الدليل الآخر.
والآخر : التعارض المستقرّ الذي لا يمكن فيه العلاج.
حالات الدليلين الظنيّين المحرزين : انتهينا إلى أنّ موضوع التعارض هو الدليلان المحرزان الظنّيّان ، ولكن هذان الدليلان من حيث كونهما لفظيّين أو غير لفظيّين أو مختلفين ينقسمان إلى ثلاثة أقسام :
القسم الأوّل : أن يكون الدليلان معا لفظيّين. كما إذا تعارض خبران أو آية ظنّيّة الدلالة مع خبر ثقة ، فالتعارض بينهما على نحوين :
أحدهما : التعارض غير المستقرّ ، والمقصود به التعارض الذي يمكن حلّه وعلاجه عن طريق الجمع العرفي ، بحيث يمكننا أن نحمل أحدهما على الآخر كالمطلق والمقيّد والعامّ والخاصّ ، أو نعدّل دلالة أحدهما بحيث تنسجم مع دلالة الآخر فيما إذا كان هناك مبرّر لهذا التعديل كما في موارد القرينة والحكومة.
فمثلا إذا ورد ( أكرم العالم ) و ( لا تكرم الفاسق ) أمكن الجمع بينهما بتقييد الأوّل بغير الفاسق أي حمل المطلق على المقيّد.
وكما إذا ورد ( الكرّ ألف ومائتا رطل ) وورد ( الكرّ ستمائة رطل ) ، فإنّه يحمل أحدهما على المدني والآخر على العراقي ، بحيث تعدّل الدلالة فيهما بنحو يتمّ الانسجام بينهما.