والوجه في ذلك : هو أنّ المدلولين الالتزاميّين الأخذ بهما يؤدّي إلى الترخيص في المخالفة القطعيّة ؛ لأنّ كلّ واحد منهما يرخّص ويؤمّن عن الصلاة الأخرى ، فمع الأخذ بهما يعني التأمين عن الصلاتين وهذا مخالفة قطعيّة.
بينما إذا لاحظنا المدلولين المطابقيّين وجدنا أنّ الأخذ بهما يؤدّي إلى الموافقة القطعيّة ؛ لأنّ نتيجتهما تنجيز كلا الصلاتين.
ومن الواضح أنّ ما يؤدّي إلى المخالفة القطعيّة لا بدّ من رفع اليد عنه ، بخلاف ما يلزم منه الموافقة القطعيّة.
كان الجواب : أنّنا نواجه في الحقيقة معارضتين ثنائيّتين ، والدلالة الالتزاميّة تشكّل أحد الطرفين في كلّ منهما ، فلا مبرّر لطرح الدلالة الالتزاميّة إلا التعارض ، وهو ذو نسبة واحدة إلى كلا طرفي المعارضة ، فلا بدّ من سقوط الطرفين معا.
ويجاب عن هذا الإشكال بأنّه يتمّ فيما لو كان لدينا تعارض بين المدلولين المطابقيّين من جهة ، وبين المدلولين الالتزاميّين من جهة أخرى ، فيقال بتقديم المدلولين المطابقيّين على الالتزاميّين لما ذكر.
ولكنّ الصحيح : هو كون المعارضة بين المدلول المطابقي في أحدهما والمدلول الالتزامي في الآخر ، بحيث يقع المدلول الالتزامي طرفا في هذه المعارضة وطرفا في تلك أيضا ؛ وذلك لأنّ دليل وجوب الظهر مفاده المطابقي وجوب الظهر وهذا يتنافى مع المدلول الالتزامي في دليل وجوب الجمعة الذي مدلوله الالتزامي نفي وجوب صلاة أخرى غير الجمعة ، فيقع التعارض بينهما ويحكم بتساقطهما ؛ لأنّ نسبتهما إلى دليل الحجّيّة واحدة ؛ لأنّ الكاشفيّة فيه بالنسبة إلى كلا المدلولين على حدّ واحد ، ولا معنى لترجيح أحدهما على الآخر في الحجّيّة أو في السقوط ، وهذا معناه أنّه لا يوجد أيّ مبرر لإسقاط المدلول الالتزامي إلا التعارض بينه وبين المدلول المطابقي الذي يسقط بدوره بسبب المعارضة ، وهكذا يقال بالنسبة لدليل وجوب الجمعة.
وعليه ، فالالتزام بسقوط أحد الطرفين من كلتا المعارضتين وبقاء الطرف الآخر فيهما لا مبرّر له ولا مرجّح ؛ لأنّ الكاشفيّة في دليل الحجّيّة بالنسبة للمدلول المطابقي والمدلول الالتزامي فيهما على حدّ واحد ؛ لأنّ الأمارة لوازمها حجّة كمدلولها المطابقي كما تقدّم.