في دليل حجّيّة الخبر وهو واحد ، بينما التعارض في الدليلين الظنّي الدلالة يكون بلحاظ دليل حجّيّة الظهور وهو واحد أيضا.
وإن كان متعدّدا فهذا معناه أنّ أحد الدليلين ظنّي السند والآخر ظنّي الدلالة ، فهذا معناه التعدّد في دليل الحجّيّة ؛ لأنّ التعارض يكون بين دليل حجّيّة الخبر في أحدهما ودليل حجّيّة الظهور في الآخر.
وهنا لا بدّ من استعراض الحالات المختلفة التي يمكن فرضها بالنسبة للتعارض في الدليل الواحد للحجّيّة أو الدليلين لها ؛ لأنّ النتيجة تختلف بلحاظها ، وهذه الحالات هي :
الأولى : إذا افترضنا دليلين لفظيّين قطعيّين صدورا ظنّيين دلالة تعارضا معارضة مستقرّة ، فالتنافي بينهما يسري إلى دليل الحجّيّة كما تقدّم (١) ، وهو هنا دليل واحد وهو دليل حجّيّة الظهور.
الحالة الأولى : ما إذا كان لدينا دليلان لفظيّان قطعيّان من جهة الصدور كالآية الكريمة مع الخبر المتواتر ، ولكن الدلالة فيهما ظنّيّة ، فهنا يقع التعارض المستقرّ بينهما بلحاظ الدلالتين الظنّيّتين المتنافيتين ، ويسري إلى دليل الحجّيّة فيهما وهو هنا دليل حجّيّة الظهور الذي على أساسه يحكم بحجّيّة الدلالة الظنّيّة باعتبارها ظهورا عرفيّا.
والوجه فيما ذكرناه : هو أنّ السندين لمّا كانا قطعيّين من جهة الصدور ، فلا نحتاج إلى دليل حجّيّة السند ؛ لأنّه مع القطع بالصدور لا معنى لإثبات التعبّد بالصدور تمسّكا بدليل حجّيّة السند ، إذ لا موضوع له أصلا.
والوجه في استقرار المعارضة : هو أنّنا نفرض أنّه لا يمكن الجمع العرفي بين الدلالتين ، وإلا لدخل المورد في باب التعارض غير المستقرّ والجمع العرفي وهو خارج عن موضوع البحث.
والوجه في كون التعارض بلحاظ دليل الحجّيّة الواحد : هو أنّ دليل حجّيّة الظهور شامل بإطلاقه لكلتا الدلالتين الظنّيّتين المتنافيتين ، فلا يمكن الأخذ بهما معا للتنافي ، ولا بأحدهما دون الآخر ؛ لأنّه ترجيح بلا مرجّح ، فيتعيّن التعارض والتساقط بلحاظ دليل حجّيّة الظهور نفسه.
__________________
(١) في تمهيد بحث التعارض ، تحت عنوان : ما هو التعارض المصطلح؟