كان يسري إلى السندين أو الظهورين ، بينما هنا يسري إلى دليل حجّيّة السند ودليل حجّيّة الظهور في كلّ منهما لا فيهما معا.
الخامسة : إذا افترضنا دليلا ظنّيّا دلالة وسندا معارضا لدليل قطعيّ دلالة وظنّيّ سندا ، وتعذّر الجمع العرفي ، سرى التنافي بمعنى وقوع التعارض بين دليل حجّيّة الظهور في ظنّيّ الدلالة ودليل السند في الآخر ، ويؤدّي ذلك إلى دخول دليل السند لظنّي الدلالة في التعارض أيضا ؛ لما عرفت من الترابط.
والمحصّل النهائي لذلك أنّ دليل السند في أحدهما يعارض كلاّ من دليل حجّيّة الظهور ودليل السند في الآخر.
الحالة الخامسة : ما إذا كان لدينا دليلان لفظيّان كالخبرين ، أحدهما ظنّي السند والدلالة معا والآخر ظنّي السند قطعي الدلالة ، فهنا حيث لا يمكن الجمع العرفي بينهما فسوف تقع المعارضة بين دليل حجّيّة الظهور في الدليل الظنّي السند وبين دليل حجّيّة السند في الدليل الآخر ؛ وذلك لأنّ الدلالة القطعيّة في الدليل الظنّي السند تحتاج إلى دليل حجّيّة السند من أجل إمكان التعبّد بالصدور والمفاد معا ؛ لأنّ الدلالة القطعيّة إذا لم تكن صادرة عنهم فلا معنى للأخذ بها ، فإذا شمل دليل حجّيّة السند ـ السند الظنّي هنا ـ صار مفاد الدليل حجّة ، ولكن يتعارض هذا مع دليل حجّيّة الظهور في الآخر الشامل للدلالة الظنّيّة ؛ لأنّ التعبّد بها يتنافى مع التعبّد بتلك الدلالة القطعيّة.
ولكن إذا لاحظنا الترابط بين دليل حجّيّة الظهور ودليل حجّيّة السند كما بيّناه في الحالة الثالثة ، فسوف يسري التنافي من حجّيّة الظهور إلى حجّيّة السند أيضا في الدليل الظنّي السند والدلالة معا.
وحينئذ تكون المعارضة ثلاثيّة ؛ لأنّها تكون بين دليل حجّيّة السند في الدليل الظنّي السند والقطعي الدلالة من جهة ، وبين دليل حجّيّة السند ودليل حجّيّة الظهور في الدليل الظنّي السند والدلالة معا من جهة ثانية.
وفي هذه الحالة يحكم بتساقط الجميع ولا ينجو من السقوط حتّى الدلالة القطعيّة ؛ لأنّه لم يثبت صدورها عن المعصوم لسقوط دليل حجّيّة السند بالمعارضة ، فلا معنى للأخذ بها وإن كانت قطعيّة لعدم الفائدة والأثر الشرعي من ذلك ، إذ لا يوجد ما يحرز لنا كونها دلالة قطعيّة لكلام المعصوم.