ودلالة ، فإنّه إذا كان التعارض بينهما مستوعبا لتمام المدلول فيهما كما إذا ورد خبر ثقة مفاده : ( أكرم العالم ) ، وورد خبر ثقة آخر مفاده : ( لا تكرم العالم ) ، فهاهنا التنافي بين الدليلين سوف يسري إلى دليل حجّيّة الظهور فيهما ؛ لأنّه لا يمكن أن يشملهما معا ، لأنّه يؤدّي إلى اجتماع النقيضين أو الضدّين أي وجوب إكرام العالم وعدم وجوب إكرامه وهو محال.
ويسري التنافي أيضا إلى دليل حجّيّة السند فيهما ؛ وذلك لأنّ دليل حجّيّة السند مفاده التعبّد بمفاد الكلام الصادر من المعصوم لا إثبات الصدور فقط ، وهنا لا يمكننا التعبّد بالكلامين الصادرين على فرض شمول دليل حجّيّة السند لكلا الخبرين ؛ لمكان التنافي بينهما بحيث يكون التعبّد بهما معا موجبا لاجتماع النقيضين أو الضدّين وهو محال.
وأمّا إذا كان التعارض غير مستوعب لتمام المدلول فيهما ، كما إذا ورد خبر مفاده : ( أكرم العالم ) ، وورد خبر آخر مفاده : ( لا تكرم الفاسق ) ، فهنا سوف يسري التنافي إلى دليل حجّيّة الظهور في مورد اجتماعهما أي في العالم الفاسق ؛ لأنّ الأخذ بدليل حجّيّة الظهور في مادّة الاجتماع يؤدّي إلى التناقض أو اجتماع الضدّين وهو محال.
ولكن لا يسري التنافي من دليل حجّيّة الظهور إلى دليل حجّيّة السند ؛ وذلك لأنّ الدليلين يمكن الأخذ بمفادهما في مادّتي الافتراق من دون محذور ، إذ لا مانع من وجوب إكرام العالم العادل وعدم وجوب إكرام الفاسق الجاهل.
وهذا يعني أنّ دليل حجّيّة السند يبقى شاملا لكلا الدليلين في غير مادّة الاجتماع ؛ لأنّ الترابط بين دليل حجّيّة الظهور ودليل حجّيّة السند في السقوط إنّما هو من أجل عدم إمكان التعبّد بمفاد الكلام الصادر من المعصوم ، وهذا المحذور موجود في مادّة الاجتماع فقط دون مادّتي الافتراق ، فلا موجب لسقوط الحجّيّة عن مادّتي الافتراق ؛ إذ لا تعارض ولا تنافي فيهما.
وهذا معناه أنّ دليل حجّيّة السند لا موجب لرفع اليد عنه رأسا وفي تمام مدلوليهما ، بل في خصوص مادّة الاجتماع.
فإن قيل : إنّ التنافي في دليل حجّيّة الظهور يتوقّف على افتراض ظهورين