بينهما يكون مستقرّا بمعنى أنّه يسري إلى دليل الحجّيّة في كلّ منهما ، ولا يمكن أن يفرض كون التعارض بينهما غير مستقرّ ؛ لأنّ التعديل والجمع العرفي إنّما يكون فيما إذا كان أحد الدليلين قرينة مفسّرة للمراد من الآخر.
وهذا إنّما يكون فيما إذا كان كلا الدليلين لفظيّين ؛ لأنّ التفسير والتعديل إنّما يكون بلحاظ الكلام أو ما يشبه الكلام ، كالظهور الحالي المتقدّم ، فإنّه صالح لتفسير المراد من الكلام الآخر ، وأمّا إذا لم يكونا لفظيّين أو كان أحدهما غير لفظي فالتفسير والقرينيّة مفقودة.
وعليه ، فما دام التعارض مستقرّا بين الشهرتين مثلا أو بين الشهرة والخبر ، فلا بدّ من ملاحظة الدليلين الدالّين على حجّيّتهما ؛ لأنّ التعارض سرى إلى دليل الحجّيّة في كلّ منهما.
وهنا إذا لاحظنا دليل الحجّيّة فيهما فقد يكون الدليل في كلّ منهما لفظيّا ، وأخرى غير لفظيّين ، وثالثة مختلفين.
فإن كانا معا لفظيّين فتارة يكون التعارض مستقرّا وأخرى غير مستقر ، كما تقدّم آنفا ، كما إذا فرضنا كون الدليل الدالّ على حجّيّة خبر الثقة هو الأخبار القطعيّة ، وفرضنا كون الدليل الدالّ على حجّيّة الشهرة هو قوله : « خذ بما اشتهر بين أصحابك ... ».
وإن كانا معا غير لفظيّين ـ كما إذا كان دليل حجّيّة خبر الثقة السيرة العقلائيّة وكان دليل حجّيّة الشهرة هو الإمضاء والتقرير أو قاعدة اللطف مثلا ـ أو كان أحدهما لفظيّا والآخر غير لفظي ، فهنا يقع التعارض المستقرّ بينهما ، أي بين الدليلين الدالّين على الحجّيّة ؛ لما ذكرناه الآن من عدم إمكان فرض القرينة والتفسير والتعديل في غير الكلام أو ما يكون كالكلام.
* * *