فلا شكّ في أنّها تسلب الحجّيّة عن الخبر الذي ليس له موافق من الكتاب الكريم ، ومضمونها نفسه لا يوافق الكتاب الكريم بل يخالفه ـ بناء على دلالة الكتاب وغيره من الأدلّة القطعيّة على حجّيّة خبر الثقة ـ فيلزم ـ من حجّيّتها عدم حجّيّتها.
ويرد على الاستدلال بهذه المجموعة ما يلي :
أوّلا : أنّ روايات هذه المجموعة نفسها أخبار آحاد ؛ لأنّها أخبار ظنّيّة لا تصل إلى حدّ التواتر. وعليه فيكون الاستدلال بها لنفي حجّيّة أخبار الآحاد مستحيلا لاستلزامه الخلف.
وتوضيحه : أنّ أخبار الآحاد إمّا أن تكون حجّة في نفسها وفي رتبة سابقة عن هذه الروايات أو لا تكون حجّة.
فإن كانت حجّة في نفسها وفي رتبة سابقة فهذا خلف ما تفترضه هذه الروايات من عدم حجّيّة أخبار الآحاد ، ممّا يعني وقوع التعارض بينهما ، وبالتالي لا يثبت بها نفي حجّيّة خبر الواحد ؛ لسقوطها بالمعارضة.
وإن لم تكن حجّة في نفسها وفي رتبة سابقة عن هذه الروايات فلا نحتاج إلى هذه الروايات لنفي الحجّيّة ؛ لأنّها ليست حجّة في نفسها بوصفها من أخبار الآحاد أيضا.
والاحتمال الثاني متوقّف على ثبوت ما يمكن أن ينفي الحجيّة عن خبر الواحد ، وقد تقدّم في محلّه عدم نهوض شيء من تلك الأدلّة لنفي الحجّيّة ؛ لأنّها لا تقاوم ما دلّ على حجّيّة خبر الواحد.
وعليه فيتعيّن الاحتمال الأوّل ، ومعه تسقط هذه الروايات بسبب المعارضة ؛ لأنّ الأدلّة الدالّة على الحجّيّة أقوى منها دلالة وسندا ؛ لأنّ فيها ما يقطع بصدوره من المعصوم كما تقدّم.
مضافا إلى قيام السيرة العقلائيّة على العمل بخبر الواحد ، وهذه السيرة لا يمكن الردع عنها بمثل رواية ابن أبي يعفور ؛ لأنّها لمّا كانت بدرجة من الاستحكام والمتانة فلا يكفي للردع عنها وجود رواية أو اثنتين ، بل تحتاج إلى عدد من الروايات الصحيحة التي من شأنها أن ترفع وتزيل ذاك الارتكاز والبناء العقلائي ، وهذا ليس