موجودا في هذه الروايات ، ولذلك فالمتعيّن هو الأخذ بما دلّ على الحجّيّة دونها في مقام المعارضة.
وبهذا يظهر أنّ هذه الروايات لا يمكن نهوضها للاستدلال على نفي الحجّيّة.
وثانيا : أنّنا لو سلّمنا بأنّ هذه الروايات لا تلغي حجّيّة خبر الواحد مطلقا وإنّما تخصّص دليل الحجّيّة بما إذا كان هناك شاهد من القرآن أو السنّة القطعيّة على الخبر ، فمع ذلك لا يمكننا الأخذ بها من جهتين :
الأولى : أنّ هذه الروايات نفسها لا يوجد في الكتاب ولا السنّة شاهد عليها ؛ وذلك لأنّ الآيات الناهية عن العمل بالظنّ لم يثبت حجّيّة الإطلاق فيها كما تقدّم في محلّه ، والروايات النافية ليست من السنّة القطعيّة ؛ لأنّها أخبار آحاد ولم تصل إلى درجة القطع.
والثانية : أنّ هذه الروايات يوجد في الكتاب والسنّة القطعيّة الشاهد على خلافها ، فتسقط عن الحجّيّة لذلك.
والشاهد هو ما دلّ من الكتاب على العمل بخبر الواحد كآية النفر والسؤال ومفهوم آية النبأ ، وما دلّ من السنة القطعيّة كالسيرة العقلائيّة وسيرة المتشرّعة والإجماع والأدلّة اللفظيّة التي يقطع بصدور بعضها ، فإنّ هذه كلّها تعتبر شواهد على خلاف هذه الروايات.
والنتيجة : هي أنّ التسليم بحجّيّة هذه الأخبار يلزم منه الالتزام بعدم حجّيّتها ؛ لأنّها لا تنهض لمقاومة تلك الأدلّة القطعيّة الدالّة على حجّيّة خبر الثقة ، وما يلزم من حجّيّته عدم حجّيّته فلا معنى للتعبّد بحجّيّته ؛ لأنّها تكون لغوا.
وبتعبير أدقّ : إنّ هذه الروايات تفيد أنّ ما لا يوافق كتاب الله ليس بحجّة ، والمفروض أنّها ليست موافقة لكتاب الله بل مخالفة له كما ذكرنا ، فيكون الأخذ بحجّيّة هذه الروايات ملازما لعدم حجّيّتها ؛ لأنّ الأخذ بمفادها يعني لزوم ترك الخبر غير الموافق ، والمفروض أنّها هي خبر غير موافق ، فيلزم من حجّيّتها عدم حجّيّتها ، وكلّ ما يلزم من وجوده عدمه يكون وجوده مستحيلا ، وهكذا هنا.
المجموعة الثالثة : ما دلّ على نفي الحجّيّة عمّا يخالف الكتاب الكريم ، من قبيل رواية جميل بن درّاج عن أبي عبد الله عليهالسلام أنّه قال : « الوقوف عند