الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة ، إنّ على كلّ حقّ حقيقة وعلى كلّ صواب نورا ، فما وافق كتاب الله فخذوه ، وما خالف كتاب الله فدعوه » (١).
المجموعة الثالثة : وهي الأخبار الدالّة على لزوم الأخذ بما وافق كتاب الله وترك ما خالفه.
من قبيل رواية ابن درّاج المذكورة هنا حيث جاء فيها : « فما وافق كتاب الله فخذوه ، وما خالف كتاب الله فدعوه » ، ومن قبيل رواية السكوني أيضا.
وهذه المجموعة تشبه المجموعة الأولى من جهة الأخذ بالموافق وترك المخالف ، ولكنّ هذه المجموعة ناظرة إلى الحجّيّة لا نفي الصدور ابتداء ؛ لأنّ الأخذ والترك يساوقان الحجّيّة وعدم الحجّيّة.
وتعتبر هذه المجموعة مخصّصة لدليل حجّيّة الخبر لا ملغية للحجّيّة رأسا ، ونتيجة ذلك عدم شمول الحجّيّة للخبر المعارض للكتاب الكريم.
وبعد أخذ الكتاب بوصفه مصداقا لمطلق الدليل القطعي على ضوء مناسبات الحكم والموضوع يثبت أنّ كلّ دليل ظنّيّ يخالف دليلا قطعي السند يسقط عن الحجّيّة.
والمخالفة هنا حيث لم ترد في سياق الاستنكار بل في سياق الوقوف عند الشبهة فلا تختصّ بالمخالفة التي تقتضي طرح الدليل القرآني رأسا ـ كما في المجموعة الأولى ـ بل تشمل كلّ حالات التعارض المستقرّ بما في ذلك التباين والعموم من وجه.
الأولى : أنّ هذه المجموعة تعتبر مخصصة لدليل الحجّيّة لا ملغية للحجّيّة من الأساس ؛ وذلك لأنّ مفادها هو الأخذ بالموافق وترك المخالف ، وهذا المفاد يساوق الحجّيّة وعدم الحجّيّة أي حجّيّة الموافق وعدم حجّيّة المخالف ؛ لأنّنا نريد من الحجّيّة إثبات ما يؤخذ به من الأخبار الناقلة لكلام المعصوم وترك غيرها.
والنتيجة على ضوء ذلك : هي حجّيّة الخبر الموافق للكتاب وعدم حجّيّة الخبر المخالف له.
__________________
(١) وسائل الشيعة ٢٧ : ١١٩ ، أبواب صفات القاضي ، ب ٩ ، ح ٣٥.