وحينئذ تكون النسبة هي العموم والخصوص مطلقا فتقدّم على دليل الحجّيّة للأخصّيّة ، أو لوجود ملاك الأخصّيّة فيها ؛ لأنّ الأخصّيّة الحقيقيّة ليست متحقّقة ؛ إذ المفروض وجود أمارات أخرى غير الخبر كالشهرة مثلا ، ولكن لمّا كانت تلك الأمارات الأخرى نادرة وقليلة جدّا ، كان تقديم دليل الحجّيّة على الروايات يعني تخصيصها بتلك الأفراد النادرة والقليلة وهو بحكم الإلغاء لها.
وهذا يعني وجود ملاك الأخصّيّة فيها ؛ لأنّ ملاك تقديم الخاصّ على العامّ هو أنّ تقديم العامّ يعني إلغاء الحكم رأسا ، بينما تقديم الخاصّ يعني رفع اليد عن إطلاق وشمول العامّ لا عن العامّ رأسا ، وهنا يوجد هذا المعنى بحسب الفهم العرفي.
الثاني : أنّ هذه المجموعة تدلّ على إسقاط ما يخالف الكتاب عن الحجّيّة ، والمخالفة كما تشمل التنافي بنحو التباين أو العموم من وجه كذلك تشمل التنافي بنحو التخصيص أو التقييد أو الحكومة ؛ لأنّ ذلك كلّه يصدق عليه المخالفة ، فيكون مقتضى إطلاقها طرح ما يعارض الكتاب الكريم مطلقا سواء كان تعارضا مستقرّا أو غير مستقرّ.
الاعتراض الثاني : أنّ هذه المجموعة من الروايات تنفي الحجّيّة عن كلّ ما يخالف الكتاب ، فلو فرض التسليم بإرادة الخبر وقلنا بأنّ النسبة هي العموم والخصوص المطلق ، فمع ذلك نقول : إنّ عنوان المخالفة للكتاب لا يختصّ فيما إذا كانت المخالفة بنحو التباين الكلّي أو العموم من وجه ، بل تشمل ما إذا كانت بنحو التخصيص والتقييد والحكومة أيضا ؛ وذلك لأنّ إطلاق عنوان « ما خالف كتاب الله » الوارد في لسان روايات هذه المجموعة مطلق ، فيشمل بإطلاقه كلّ أنواع المخالفة ، ولا وجه لتخصيصه بمخالفة دون أخرى ؛ لعدم وجود مثل هذا المخصّص.
وهذا معناه أنّ روايات هذه المجموعة تشمل طرح كلّ خبر مخالف للكتاب ، سواء كان هناك تعارض مستقرّ أم لم يكن التعارض مستقرّا.
وحينئذ تقع المعارضة بين هذه الروايات وبين دليل الحجّيّة ؛ لأنّ النسبة بينهما هي العموم من وجه من هذه الجهة ، ومادّة الاجتماع بينهما هي الخبر المخالف للكتاب بنحو التقييد أو التخصيص أو الحكومة ، فإنّ إطلاق دليل الحجّيّة يشمله لمكان الجمع العرفي بينهما فيمكن الأخذ بمفاده والتعبّد به.