ونحوهما من موارد الجمع العرفي والقرينيّة ـ لا يخرج عن كونه مخالفا لها بحسب الدقّة والواقع ، وحينئذ يسقط عن الحجّيّة ويكون قاصرا عن رفع أصل الدلالة القرآنيّة في حال التعارض معها ؛ لأنّنا فرضنا بقاء الدلالة القرآنيّة على حالها حتّى وإن لم تكن حجّة لأسباب أخرى غير معارضة الخبر لها ؛ ولذلك لا ينفع كونه مخصّصا أو مقيّدا أو حاكما عليها لصدق عنوان المخالفة عليها في هذه الحالات أيضا.
ولا ينفع وجود العلم الإجمالي بصدور المخصّصات والمقيّدات ؛ لأنّ الدلالة القرآنيّة ليست مرتبطة بها ؛ لأنّ المفروض أنّها تبقى على حالها حتّى مع وجود تلك المخصّصات والمقيّدات بحيث تسقط الخبر المخالف لها حتّى فيما إذا لم تكن حجّة في رتبة سابقة.
وإن أريد بها المخالفة لدلالة قرآنيّة حجّة في نفسها وبقطع النظر عن الخبر المخالف لها فالجواب الثاني صحيح ؛ لأنّ الدلالة القرآنيّة ساقطة عن الحجّيّة بسبب العلم الإجمالي ما لم يدّع انحلاله.
وأمّا الجواب الأوّل فهو غير صحيح ؛ لأنّ الخاصّ مخالف لدلالة العامّ التي هي حجّة في نفسها وبقطع النظر عن ورود الخاصّ.
الاحتمال الثاني : أن يكون المراد من المخالفة للكتاب مخالفة الخبر للدلالة القرآنيّة المفروغ عن حجّيّتها بقطع النظر عن مجيء الخبر المخالف لها ، بمعنى أنّها حجّة في نفسها قبل مجيء الخبر فمقتضى الحجّيّة موجود فيها إلى حين مجيء الخبر المخالف لها.
فعلى هذا الاحتمال يكون الجواب الثاني صحيحا ؛ لأنّ العلم الإجمالي بوجود المخصّصات والمقيّدات لعمومات وإطلاقات القرآن يشكّل قرينة متّصلة على أنّ المراد هو غير حالات المخالفة بنحو التخصيص أو التقييد ونحوها ؛ لأنّه في هذه الحالات يجمع بينها جمعا عرفيّا بتقديم الخاصّ والمقيّد.
وأمّا في الحالات الأخرى فتقدّم العمومات والمطلقات وتوجب رفع اليد عن حجّيّة الخبر المخالف لها ، أو يقال بأنّ العلم الإجمالي يوجب التعارض الداخلي بين المطلقات والعمومات فيما إذا جاء المخصّص أو المقيّد ؛ لأنّه لمّا ثبتت المقيّدات والمخصّصات فيحتمل تقيّد هذا العامّ القرآني كما يحتمل بقاؤه على إطلاقه أو عمومه.