كان صوابا » ، والاستدلال بها لعلّه أوضح من الاستدلال بالرواية السابقة باعتبار كلمة « أخذت من جهة التسليم » التي قد يستشعر منها النظر إلى الحجّيّة والتعبّد بأحد الخبرين.
ومن الروايات التي استدلّ بها على التخيير في الحجّيّة بين المتعارضين مكاتبة الحميري للحجّة عليهالسلام حيث جاء فيها : « وبأيّهما أخذت من جهة التسليم كان صوابا » جوابا على اختلاف الفقهاء في مسألة التكبير بعد التشهّد الأوّل ، فإنّ الإمام عليهالسلام افترض أنّه توجد روايتان إحداهما تدلّ على لزوم التكبير بعمومها ، والأخرى تدلّ على عدم التكبير في مورد السؤال.
والاستدلال بهذه الفقرة على التخيير الأصولي أوضح من الرواية السابقة ؛ لأنّه جاء التعبير فيها بكلمة « أخذت » الظاهرة في الأخذ بإحدى الحجّيّتين ، أي أنّك إن أخذت بهذه الرواية أو بتلك من باب التسليم فالأخذ صحيح وحقّ وصواب.
وهذا معناه أنّ المتعارضين في الحجّيّة يجوز الأخذ بكلّ منهما من باب التسليم ، فتدلّ المكاتبة على التخيير بين المتعارضين ، وأنّ التخيير حكم ظاهري تعبّدي لا بدّ من التسليم به ، بخلاف الرواية السابقة فإنّه لم يرد التعبير فيها بكلمة « أخذت » ونحوها التي يستشعر منها الأخذ بالحجّيّة لا الأخذ بالحكم في مقام العمل فقط.
والصحيح أنّ الاستدلال بالرواية غير وجيه ؛ لأنّ السائل في هذه الرواية لم يفرض خبرين متعارضين ، وإنّما سأل عن مسألة اختلف الفقهاء في حكمها الواقعي ، وإنّما يراد الاستدلال بها على التخيير باعتبار ما في جواب الإمام عليهالسلام من نقل حديثين متخالفين وترخيصه في التسليم بأيّهما شاء ، إلا أنّ هذا الجواب غير دالّ على التخيير المدّعى وذلك لعدّة أمور :
والصحيح عدم تماميّة الاستدلال بهذه المكاتبة على التخيير ، سواء كان الاستدلال بها من جهة سؤال السائل أم كان من جهة جواب الإمام عليهالسلام.
أمّا سؤال السائل فعدم الاستدلال به واضح ؛ لأنّه لم يفرض في السؤال حديثين مختلفين ليكون الجواب عن التخيير بينهما في مقام الأخذ والحجّيّة ، وإنّما فرض في السؤال اختلاف الفقهاء في حكم هذه المسألة المعيّنة بالخصوص ، وهذا معناه أنّه ينتظر الجواب عن حكمها الواقعي لما تقدّم في الرواية السابقة من أنّ السؤال عن الواقعة