إلى حالة » وهذه الفرضيّة شاملة بإطلاقها لما إذا انتقل من التشهّد إلى القيام فيثبت الحكم بالإطلاق ، بينما الحديث الثاني يشمل المورد بالتنصيص ؛ لأنّه ينصّ على أنّه : « إذا انتقل من التشهّد إلى القيام فلا يجب عليه التكبير ».
ومن الواضح أنّ التعارض بين المطلق والمقيّد ليس من التعارض المستقرّ ؛ لأنّ المقيّد يعتبر قرينة نوعيّة على تفسير المراد الجدّي والنهائي من المطلق ، فيقدّم الخاصّ أو المقيّد من باب القرينيّة النوعيّة المفسّرة ؛ لأنّه إذا لم يتقدّم لزم من تقدّم المطلق عليه إلغاؤه رأسا ، بينما لو تقدّم المقيّد على المطلق لم يلزم من رفع اليد عن حكم المطلق رأسا وإنّما يلزم منه رفع اليد عن إطلاقه لهذه الحالة فقط ، مع بقائه على إطلاقه لسائر الحالات ، فبنكتة الأخصّيّة يحكم بتقدّم الحديث الثاني على الأوّل ويجمع بينهما جمعا عرفيّا.
والثاني : أنّ الحديث الثاني يعتبر حاكما على الحديث الأوّل ؛ وذلك لكونه ناظرا إليه ورافعا لموضوعه عن المورد المذكور في السؤال الثاني ، ووجه النظر وملاكه هنا هو نفي الحكم الموجود في الحديث الأوّل عن هذا المورد ، وعليه فيقدّم الدليل الحاكم على الدليل المحكوم للقرينيّة الشخصيّة ؛ لأنّ المتكلّم هو الذي أعدّ الكلام الثاني ليكون مفسّرا للمراد الجدّي من كلامه الأوّل.
على هذا نقول : إنّ الجمع العرفي بين الحديثين سواء كانت بنكتة الأخصّيّة أم بنكتة الحكومة ، يخرج المورد من كونه من التعارض المستقرّ ؛ لأنّ العرف والبناء العقلائي لا يرى التعارض بين الحديثين اللذين فيهما جمع عرفي ، وكذلك العرف الفقهي فإنّ الفقهاء يأخذون بالجمع العرفي ويحلون به التعارض بين الدليلين.
ومع انحلال التعارض لا يحتمل أن يكون للشارع حكم على خلاف الجمع العرفي ، بمعنى أنّ الحكم الشرعي والواقعي لهذا المورد مطابق لما حكم به العقلاء من الجمع العرفي ؛ لأنّ الشارع يسير على أساليب المحاورات العرفيّة وليس له طريقة مغايرة للعقلاء في مقام البيان والتفهيم ، ولذلك يكون الإمام عليهالسلام بصدد بيان الحكم الواقعي للقضيّة المسئول عنها بنقله للحديثين اللذين فيهما جمع عرفي ؛ لأنّه يكون بصدد بيان أنّ حكم الشارع الواقعي هو نفسه ما حكم به العرف من الجمع العرفي بين الدليلين ، ومن غير المعقول أن يكون مراده أنّ الحكم الشرعي للواقعة المذكورة هو شيء آخر غير الجمع العرفي ؛ لأنّه يكون قد أراد شيئا لم يبينه ،