الأمور التي توجب انتفاء الحجّيّة عن الخبر الآخر ؛ لأنّها توجب القطع بصدور الخبر المشهور.
وبهذا يظهر عدم دلالة المقبولة على الترجيح بالشهرة بالنسبة لتقديم إحدى الحجّتين على الأخرى.
فإن قيل : إذا كان الأمر كذلك وجب تقديم الترجيح بالشهرة على الترجيح بالصفات ؛ لأنّ الترجيح بالصفات يفترض حجّيّة كلّ من الخبرين ويرجّح إحدى الحجّتين على الأخرى.
كان الجواب : أنّ الترجيح بالصفات ناظر إلى الحاكمين لا إلى الراويين كما تقدّم ، فلا إشكال من هذه الناحية.
إشكال وجوابه :
أمّا الإشكال ، فقد يقال : إنّ الشهرة لمّا كانت موجبة لتقديم إحدى الحجّتين من باب كشفها عن كون الرواية المشهورة قطعيّة الصدور ، وكون الرواية الشاذّة لا موضوع للحجّيّة فيها ، بمعنى أنّها تكشف عن الرواية الحجّة واقعا دون الأخرى ، فهذا يستوجب تقديم الترجيح بالشهرة على الترجيح بالصفات ؛ وذلك لأنّ الترجيح بالصفات يفترض فيه تساوي الروايتين في الحجّيّة بمعنى شمول دليل الحجّيّة العامّ لهما.
ولكن لمّا كان الراوي أعدل أو أوثق ونحو ذلك كانت روايته متقدّمة ، وهذا تقديم ظاهري أي بلحاظ الحجّيّة ، وأمّا الترجيح بالشهرة فهو لمّا كان يكشف عن الحجّيّة من الروايتين واقعا دون الأخرى فهو أسبق رتبة من الترجيح بالصفات ، فلما ذا قدّم الإمام الترجيح بالصفات على الترجيح بالشهرة مع كونه أسبق رتبة؟
إذ كونها أسبق رتبة معناه أنّها ترفع موضوع الترجيح بالصفات ؛ لأنّها تعيّن الرواية الحجّة واقعا دون الأخرى ، فيرتفع موضوع الترجيح بالصفات الذي يفترض فيه تساوي الروايتين في الحجّيّة.
وبتعبير آخر : إنّ الترجيح بالشهرة على هذا يكون واردا على الترجيح بالصفات ؛ لأنّه يرفع موضوعه حقيقة لأنّه يثبت الحجّة الواقعيّة من الروايتين.
وأمّا الجواب : فقد ظهر ممّا تقدّم سابقا أنّ الترجيح بالصفات ناظر إلى الحكم