كون الإجارة على الحرام ، والمقيّد هو : « إنّ شرط الله قبل شرطكم » أو « إلا شرطا حلّل حراما أو حرّم حلالا » ، ودليل حرمة دخول الجنب إلى المسجد يوجد فردا من أفراد الحرام في الخارج فيكون رافعا ونافيا لموضوع الإجارة في هذا المورد.
ويلاحظ هنا : أنّ الدليل الوارد إنّما يكون رافعا لموضوع الدليل المورود فيما إذا كان مجعوله فعليّا لا مطلقا ، بمعنى أنّ حرمة دخوله إلى المسجد فعليّا لكونه جنبا بالفعل ، ومع الحرمة الفعليّة يرتفع موضوع الإجارة ؛ لأنّه مقيّد بأن لا يكون متعلّقه حراما بالفعل.
ومثال الدليل الوارد الرافع بوصوله : الأحكام الظاهريّة التي أخذ في موضوع العلم مع الدليل القطعي.
فإنّ الدليل القطعي يعتبر واردا بوصوله إلى المكلّف على تلك الأحكام الظاهريّة ، كأصالة الطهارة مثلا ، أو أصالة الحلّيّة أو أصالة البراءة ، فإنّ المأخوذ في ألسنتها عدم العلم فيكون وصول الحكم بالدليل القطعي واردا.
ومثاله أيضا : دليل القرعة لكلّ أمر مشكل مع الوظيفة الظاهريّة الثابتة بالأمارات أو الأصول العمليّة ، فإنّ وصول الحكم بالأمارة أو الأصل إلى المكلّف يعتبر واردا على دليل القرعة ورافعا لموضوعه ؛ لأنّه بوصول الحكم يرتفع كونه مشكلا أي غير مشخّص ولا محدّد ؛ لأنّ الحكم قد تحدّد بتلك الأصول والأمارات.
ومثال الدليل الوارد الرافع بامتثاله : حالات التزاحم بين الأهمّ والمهمّ ، فإنّ الدليل الدالّ على الأهمّ يعتبر واردا على الدليل المهمّ ؛ لأنّه يرفع موضوعه حال الاشتغال بامتثال الأهمّ ، بناء على ما تقدّم في مباحث القدرة من أنّ كلّ تكليف مشروط بالقدرة التكوينيّة بالمعنى الأعمّ ، بمعنى عدم الاشتغال بواجب آخر لا يقلّ أهمّيّة ، فإنّه إذا اشتغل بالأهمّ ارتفع موضوع المهمّ ، وإذا لم يشتغل به وعصاه كان موضوع المهمّ فعليّا بناء على إمكان الترتّب.
وقد يتّفق التوارد من الجانبين ، وبعض أنحاء التوارد كذلك معقول ويأخذ مفعوله في كلا الطرفين. وبعض أنحائه معقول ويكون أحد الورودين هو المحكّم دون الآخر ، وبعض أنحائه غير معقول فيؤدّي إلى وقوع التعارض بين الدليلين المتواردين.
أقسام التوارد من الجانبين : هناك عدّة أقسام للتوارد من الجانبين أهمّها :