روايات الترجيح تتقدّم على روايات التخيير ؛ لأنّها تحلّ التعارض بتقديم أحد الخبرين على الآخر لوجود المرجّح فيها ، بينما أخبار التخيير أخذ فيها استقرار التعارض بين الخبرين ، فتكون متقدّمة عليها من باب الحكومة ، ورفعها لموضوع التخيير تعبّدا ؛ لأنّ انحلال التعارض بين الخبرين كان انحلالا ظاهريّا لا واقعيّا كما هو واضح ، فلا يصار إلى الأخذ بالتخيير إلا بعد فرض عدم وجود شيء من المرجّحات أو بعد فرض التساوي فيها ؛ لأنّ التعارض يكون مستقرّا ومستحكما حينئذ.
الرابعة : أنّ أخبار العلاج هل تشمل موارد الجمع العرفي؟
قد يقال : بإطلاق لسان الروايات المذكورة لتلك الموارد فتكون رادعة بالإطلاق عما تقتضيه القاعدة العقلائيّة.
وقد يجاب : بأنّ الظاهر من أسئلة الرواة لأخبار العلاج كونهم واقعين في الحيرة بسبب التنافي الذي يجدونه بين الحديثين ، ومن البعيد أن يقع الراوي بما هو إنسان عرفي في التحيّر مع وجود جمع عرفي بين المتعارضين ، فهذه قرينة معنويّة تصرف ظواهر هذه الأخبار إلى موارد التعارض المستقرّ خاصّة.
قد يقال : إنّ إطلاق الروايات الدالّة على العلاج سواء بالترجيح أم بالتخيير تشمل موارد الجمع العرفي أيضا ، بمعنى أنّه في التعارض بين العامّ والخاصّ والمطلق والمقيّد ونحوهما من موارد الجمع العرفي يتقدّم الدليل الدالّ على إعمال العلاج بالترجيح بالمرجّحات الثابتة كالموافقة للكتاب والمخالفة للعامّة ، ومع عدمهما أو تكافؤ الدليلين فيهما يصار إلى التخيير ، وبالتالي نرفع اليد عن القاعدة العقلائيّة المتقدّمة في موارد التعارض غير المستقرّ من تقديم القرينة على ذي القرينة والجمع العرفي بينهما على أساس ذلك.
والوجه في هذا التقديم : أنّ إطلاق الروايات الدالّة على العلاج تعتبر مانعة ورادعة عن العمل بمقتضى القاعدة العقلائيّة من الجمع العرفي بين الدليلين اللذين بينهما تعارض غير مستقرّ ، فإنّه مع وجود هذه الروايات لا يصار إلى الأخذ بالبناء والارتكاز العقلائي ؛ لأنّ الروايات تعتبر رادعة ، وقد مرّ في بحث السيرة أنّ شرطها هو إمضاء الإمام المستكشف من سكوته وعدم ردعه عنها ، وهنا حيث ثبت الردع بإطلاق