الأوّل : أن يكون التوارد من الجانبين بحيث يكون كلّ منهما رافعا لموضوع الآخر ، وهذا معناه أنّ كلّ واحد منهما مقيّد بعدم ثبوت الآخر ، فيكون الأثر المطلوب وهو رفع الموضوع ملحوظا وفعليّا في كلا الطرفين ، وهذا معقول في نفسه ولكنّه يؤدّي إلى انتفائهما معا.
الثاني : أن يكون التوارد من الجانبين ولكن يكون الأثر المطلوب في أحدهما دون الآخر ، بحيث يكون أحد الدليلين المتواردين هو المؤثّر في رفع موضوع الآخر دائما دون العكس ، وهذا معقول في نفسه أيضا.
الثالث : أن يكون التوارد من الجانبين ولكنّه غير معقول في نفسه بحيث يكون تقييد أحدهما بعدم الآخر غير ممكن لاستلزامه المحذور ، وهذا يؤدّي إلى التعارض بين الدليلين المتواردين.
فمثال الأوّل : أن يكون الحكم في كلّ من الدليلين مقيّدا بعدم ثبوت الحكم الآخر في نفسه ، وحينئذ حيث إنّ كلاّ من الحكمين في نفسه ولو لا الآخر ثابت فلا يكون الموضوع لكلّ منهما محقّقا فعلا ، وهذا معنى أنّ التوارد نفذ وأخذ مفعوله في كلا الطرفين.
مثال الأوّل : أي التوارد من الجانبين المعقول والذي يؤدّي إلى نفوذ التوارد وتأثيره في كلا الطرفين ، ما إذا قلنا بأنّ الحكم في كلا الدليلين مقيّد بعدم ثبوت وجود الدليل الآخر بنحو العدم اللولائي لا العدم الفعلي ، أي أنّه لو لا وجود الدليل الدالّ على هذا الحكم لكان الحكم في الدليل الآخر فعليّا ، وهكذا العكس ، فإذا لاحظنا الدليل الأوّل نجد أنّ الحكم فيه فعلي لو لا وجود ذاك الدليل الدالّ على الحكم الآخر ، ولكن حيث إنّ الدليل الدالّ على الحكم الآخر موجود فيكون الحكم في الدليل الأوّل منتفيا لارتفاع موضوعه ، وهكذا الحال إذا لاحظنا الدليل الثاني فإنّ الحكم فيه يرتفع لعدم تحقّق موضوعه.
وبهذا يكون التوارد من الجانبين نافذا ومؤثّرا بحيث يكون كلا الحكمين منتفيا معا.
وتطبيقه الفقهي ما إذا وجب الحجّ بالاستطاعة ووجبت زيارة الإمام الحسين عليهالسلام يوم عرفة بالنذر ، فهاهنا يكون وجوب الحجّ مقيّدا بعدم ثبوت ووجود الدليل