الثاني : الإعداد النوعي ، وذلك بأن يكون أحد الكلامين مفسّرا وقرينة على الآخر عند العرف والنوع العقلائي ، وفقا لما هو المعمول عندهم في محاوراتهم العرفيّة وأساليب الكلام ، بحيث يكون كلّ متكلّم داخلا في هذا البناء العرفي النوعي العامّ ؛ لأنّ الغالب أنّ المتكلّم العرفي لا يشذّ عن طريقة العرف والنوع في أساليب المحاورات والتفاهم ، وإلا للزم عليه نصب القرينة الشخصيّة على أنّ لديه طريقة أخرى غير طريقة العرف العامّ والنوع.
وعليه ، فما دام المتكلّم تابعا للمحاورات العرفيّة فكلّ ما يعتبر قرينة عندهم يكون قرينة في كلام المتكلّم باعتباره داخلا معهم في البناء.
ومن هذا القبيل قرينة التقييد والتخصيص ، فإنّ العرف العامّ يحمل العامّ على الخاصّ والمطلق على المقيّد ، فإذا أفاد المتكلّم بكلامين وكان أحدهما أخصّ من الأوّل كان هذا قرينة عرفيّة نوعيّة على أنّ المراد من الكلام الأوّل هو وفق المراد من الكلام الثاني ، فيحمل عليه ويجمع بينهما جمعا عرفيّا.
وأمّا كيفيّة الجمع العرفي على أساس القرينة فهو راجع إلى نوعيّة القرينة ؛ وذلك لأنّ القرينة تارة تكون متّصلة وأخرى منفصلة ، ولذلك نقول :
وكلّ قرينة إن كانت متّصلة بذي القرينة منعت عن انعقاد الظهور التصديقي أساسا ولم يحصل تعارض أصلا ، وإن كانت منفصلة لم ترفع أصل الظهور وإنّما ترفع حجّيّته لما تقدّم ، وهذا هو معنى الجمع العرفي.
نتيجة الجمع العرفي : وعلى أساس ما تقدّم نصل إلى النتيجة من الجمع العرفي ، وهي تختلف باختلاف نوعيّة القرينة.
فتارة تكون القرينة متّصلة أي أنّ الكلام الثاني متّصل بالكلام الأوّل ، كما إذا قال : ( رأيت أسدا يرمي ) ، فهنا ظهور الكلام له ثلاث مراحل :
الأولى : مرحلة المدلول التصوّري ، وهذه لا تتغيّر ولا تتبدّل ؛ لأنّها ثابتة على أساس الوضع القائم بين اللفظ والمعنى ، بحيث يتبادر إلى الذهن المعنى الموضوع له من اللفظ عند صدوره ولو كان من غير ذي شعور أصلا ، ولذلك فكلمة ( الأسد ) ظاهرة ظهورا تصوّريا في معناها الحقيقي وهو الحيوان المفترس.
الثانية : مرحلة المدلول الاستعمالي أي التصديقي الأوّل ، وهذا المدلول لمّا كان دلالة