[ نظريّة انقلاب النسبة ]
ثمّ إن المراد بالأخصّيّة التي هي ملاك القرينيّة : الأخصّيّة عند المقارنة بين مفادي الدليلين في مرحلة الدلالة والإفادة ، لا الأخصّيّة عند المقارنة بين مفاديهما في مرحلة الحجّيّة.
وتوضيح ذلك : أنّه إذا ورد عامّان متعارضان من قبيل : ( يجب إكرام الفقراء ) ، و ( لا يجب إكرام الفقراء ) ، وورد مخصّص على العامّ الأوّل يقول : ( لا يجب إكرام الفقير الفاسق ) ، فهذا المخصّص تارة نفرضه متّصلا بالعامّ ، وأخرى نفرض انفصاله.
نظريّة انقلاب النسبة : المقصود من انقلاب النسبة هو أن يكون لدينا دليلان متعارضان إمّا بنحو التباين وإما بنحو العموم من وجه ، ثمّ يرد مخصّص لأحدهما بحيث تصبح النسبة بعد التخصيص بالنسبة للمتعارضين هي العموم والخصوص المطلق بعد أن كانت التباين أو العموم من وجه.
وهنا وقع الخلاف فيما بينهم في أنّ ملاحظة النسبة بين المتعارضين هل هي قبل الانقلاب أو بعده؟
فإن كانت النسبة التي تجب ملاحظتها هي النسبة بين المتعارضين قبل الانقلاب فهذا معناه ملاحظة الظهورين في الدليلين أي مفاد الدليلين وظهورهما.
وإن كانت النسبة بينهما بعد الانقلاب فهذا معناه ملاحظة الظهورين في الدليلين في مرحلة الحجّيّة ، أي ما يكون حجّة من الظهورين أو ما يبقى على الحجّيّة من الظهورين لا نفس الظهورين المدلولين للدليلين.
فمثلا إذا ورد عامّان متعارضان بنحو التباين كما إذا قيل : ( يجب إكرام الفقراء ) وقيل : ( لا يجب إكرام الفقراء ) ، فهنا النسبة بينهما هي التباين الكلّي ؛ لأنّ أحدهما يثبت الوجوب للفقراء والآخر ينفيه عنهم.