العامّ ، وهذا يفترض أن يكون دليل حجّيّة السند متقدّما على ظهور العامّ ، وتقدّمه عليه يحتاج إلى مبرّر لذلك ، ومع عدمه يكون من الترجيح بلا مرجّح.
وبتعبير آخر : إنّ دليل حجّيّة الظهور إذا لوحظ بين عموم العامّ وبين القرينيّة في الخاصّ فقط ، فسوف لن يقع التعارض بينهما ؛ لأنّ دليل القرينة يتقدّم على دليل ذي القرينة طبقا لقواعد الجمع العرفي.
إلا أنّ دليل حجّيّة الظهور في العامّ يتعارض مع ظهور الخاصّ في القرينة على فرض كونه صادرا ، أي مع دليل حجّيّة السند في الخاصّ أيضا ، والتسليم بتقديم الخاصّ على العامّ بلحاظ القرينيّة لا يستلزم تقديم سند الخاصّ الظنّي على ظهور العامّ في العموم ، بل كما يمكن أن يتقدّم عليه كذلك يمكن أن يتقدّم ظهور العامّ عليه أيضا ، ولا ترجيح لأحدهما على الآخر.
ومن هنا يستشكل في تخصيص العامّ الكتابي بخبر الواحد ؛ لأنّ ظهور العامّ القطعي الصدور لا يعارض ظهور الخاصّ فقط ليتمّ الجمع العرفي بينهما ، بل يعارض ظهور الخاصّ في القرينيّة وكون الخاصّ حجّة بلحاظ السند بحيث يثبت صدوره ، وثبوت القرينيّة في الخاصّ وحدها لا تكفي للتخصيص ما دام لم يثبت صدوره ، وثبوت صدوره وإن كان بلحاظ دليل حجّيّة السند إلا أنّ هذا الدليل يعارضه الأخذ بعموم العامّ ؛ لأنّ الأخذ بعموم العامّ لازمه نفي ثبوت دليل حجّيّة السند للدليل الخاصّ الظنّي.
ويقال في الجواب على ذلك : إنّ دليل حجّيّة الظهور قد أخذ في موضوعه عدم صدور القرينة على الخلاف ، ودليل التعبّد بسند القرينة يثبت صدور القرينة على الخلاف ، فهو حاكم على دليل حجّيّة الظهور ؛ لأنّه يثبت تعبّدا انتفاء موضوعه فيقدّم عليه بالحكومة.
والجواب : أنّ ظهور العامّ وإن كان يتعارض مع دليل حجّيّة السند في الدليل الخاصّ القرينة ، إلا أنّ هذه المعارضة غير مستقرّة ؛ وذلك لأنّ دليل حجّيّة السند حاكم على دليل حجّيّة الظهور في الدليل العامّ.
وبيان ذلك : هو أنّ دليل حجّيّة الظهور قد أخذ في موضوعه أن لا تكون هناك قرينة على الخلاف ، فكلّ ظهور حجّة ما لم تكن هناك قرينة على خلافه ، فإذا وجدت القرينة على الخلاف ارتفع موضوع حجّيّة الظهور.