وزالت عنه صورة المائية ، فانقلب هواء ـ كذلك لا يصحّ إطلاق المشتق على ما زال عنه المبدأ بعد تلبّسه به ، فإن المعنى الانتزاعي تابع لمنشا انتزاعه حدوثا وبقاء ، والمنشأ مفقود بعد الانقضاء ، والانتزاع بدونه على حد المعلول بلا علة ، والقائل بصحة الاطلاق يدّعي تفاوت الحملين فإنّ الحمل في الجوامد حمل هو هو ، فلا يصح أن يقال للهواء إنه ماء ، والحمل في المشتقات حمل ذي هو وحمل انتساب ، ويكفي في النسبة مجرّد الخروج من العدم إلى الوجود ، فيصحّ الحمل على المتلبّس وعلى ما انقضى عنه ، دون ما لم يتلبّس.
قلت : فيه من الخلط ما لا يخفى على من له خبرة بالاصطلاح المرسوم في تقسيم الحمل إلى : ( هو هو ) ، و ( ذي هو ).
توضيحه : أن ما كان قابلا لأن يحمل على شيء من دون واسطة لفظة ( ذي ) ولا اشتقاق لغوي ، فهو المحمول مواطاة ، كما في ( الانسان جسم ) ، و ( هذا حجر ).
وما لم يكن قابلا للحمل إلا بأحد الأمرين المزبورين ، كالأعراض من السواد والبياض ـ مثلا ـ فهو المحمول اشتقاقا ؛ إذ السواد ـ مثلا ـ لا يحمل على موضوعه بنفسه ، بل بواسطة لفظة ( ذي ) ، فيقال : ( الجسم ذو سواد ) ، أو بواسطة اشتقاق وصف منه ، فيقال : ( الجسم أسود ). فالمحمول بالاشتقاق نفس العرض ، والوصف المشتق منه محمول مواطاة ، لعدم الحاجة في حمله إلى شيء ، واشتقاقية الحمل بالإضافة إلى المبدأ ، دون الوصف ، فإنّ حمله حمل بالمواطاة قطعا.
قال العلامة الطوسي ـ قدّس سرّه القدوسي ـ في شرح منطق (١) الإشارات بعد ما بيّن حقيقة الحمل مواطاة ما لفظه (رحمه الله) : ( وهنا نوع آخر
__________________
(١) منطق الإشارات والتنبيهات ـ نشر دفتر نشر كتاب ـ ١ : ٣١.