اسم الفاعل كالواجب ، إلا أنه يمكن الخدشة فيه : بأنّ الواجب ـ بما هو ـ لا اختصاص له خارجا به تعالى ، بل توصف به الأفعال الواجبة أيضا ، وكذلك واجب الوجود لا يختص به تعالى ؛ لأن كل موجود واجب الوجود حيث إن الشيء ما لم يجب لم يوجد.
نعم ، واجب الوجود بذاته مختصّ به تعالى ، وهو أيضا مفهوم عام ، لكنه من المفاهيم المركّبة لا مما وضع له لفظ مخصوص ؛ كي يكون نظيرا للمقام ، إلا أن لفظ الجلالة يكفي في صحة الوضع للعام (١) ، مع انحصاره في فرد بلا كلام.
__________________
(١) هذا بناء على بقاء لفظ الجلالة على مفهومه العام قبل إسقاط الهمزة منه ؛ حيث إنه في الأصل : ( الإله ) أي انه مشتق من الفعل ( أله ) بمعنى ( عبد ) ، أو بمعنى ( تحيّر ) ، أو من ( وله ) فأصله : ( ولاه ) ، ثم أبدلوا الواو همزة فصارت ( إله ) ، وتسميته بذلك لكون كل مخلوق والها نحوه. أو من ( لاه يلوه ليها ) بمعنى ( احتجب ) ، و ( إله ) على وزن ( فعال ) بمعنى : ( معبود ) ، ككتاب بمعنى مكتوب. هذا هو المشهور عند علماء العربية من كونه مشتقّا ، ولكن لا على بقائه على المعنى العامّ لأصله ، بل بعد حذف همزة ( إله ) ودخول الألف واللام فصار ( الله ) فخصّ بالباري تعالى ولتخصّصه به قال تعالى : (هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا) مريم ١٩ : ٦٥ ، ولذا نجد فرقا بين لفظة ( الله ) وبين لفظة ( الإله ) ، فالأوّل معناه خاص والثاني عام ؛ لذا صارت : ( لا إله إلاّ الله ) كلمة التوحيد.
اما على القول الثاني وهو العلمية ـ وهو المعروف عن ( الخليل ) استاذ ( سيبويه ) ـ فلا يصحّ التنظير به للمقام لوضعه وضعا خاصّا لموضوع خاص لا تعدّد فيه ولا عموم.
والعلمية : إما بالارتجال ، كما هو ظاهر ( الخليل ) ، او بالنقل : كما هو ظاهر الجوهري وصريح العلامة الطباطبائي (رحمه الله) في الميزان. ( اللسان : ١٣ حرف الهاء فصل الهمزة ، ومفردات الأصبهاني : كتاب الألف : أله ، ومجمع البحرين كتاب الهاء باب ما أوّله الألف ، ومعجم مقاييس اللغة مادّة « وله » من كتاب الواو ، ومجمع البيان ١ : ١٩ والكشاف ١ : ٥ ـ ٦ والميزان ١ : ١٨ ).
ويقول المحقّق الفذّ آية الله العظمى السيد الخوئي قدس سره ـ في بيانه : ٤٥٢ فما بعدها ـ مبرهنا على العلمية ومفنّدا القول بالجنسية والعموم : ( الله : علم للذات المقدّسة ، وقد عرفها العرب به حتى في الجاهلية قال لبيد :
ألا كلّ شيء ـ ما خلا الله ـ باطل |
|
وكلّ نعيم ـ لا محالة ـ زائل |
وقال سبحانه : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ)٣١ : ٢٥. ومن توهّم