نفس ناطقة ، فأخذ الشيء في هذا المشتق الجعلي لا يوجب محذور دخول العرض في الذاتي ؛ بداهة أن الفصل الحقيقي هو المبدأ ، وإلاّ فالمشتقّات غير موجودة بالذات ، ولذا لا تدخل تحت المقولات. فتدبّره ، فإنه حقيق به.
والتحقيق : أن توصيف النفس بالناطقة ـ بمعنى المدركة للكليات ـ يوجب أن لا يكون الفصل ذاتيا. وبمعنى آخر ـ لا يعرفه العرف واللغة ـ مناف للتعريف ، فالصحيح في دفع الإشكال كلية ما أشرنا إليه من أنّ أخذ الشيء والذات ونحوهما لتصحيح الحمل ، ولذا لا شبهة في أن خاصّة الإنسان هو الضحك ، ومع ذلك لا يصح حمله ـ في مقام الرسم ـ ، إلاّ بعنوان اشتقاقي ونحوه ، وأما صلوح المبدأ لكونه فصلا حقيقيا ، فهو مما لا محيص عنه ، سواء اخذ فيه الشيء ونحوه أم لا. فافهم جيّدا.
فإن قلت : حقائق الفصول ـ كما عن بعض أكابر فن المعقول (١) ـ هي أنحاء الوجودات الخاصة ، فإنّ بها تحصّل كلّ متحصّل ، والحقيقة العينية ليست كالماهيات الطبيعية ، بحيث يتخذ الذهن موطنا كالخارج ، وعليه فلا يعقل الحكاية عن حقيقة الفصل بمفهوم ، كي يلزم المحذور من أخذ الشيء في الاشتقاقي منه ، بل نسبة كل مفهوم ـ يحكي عنه ـ إليه (٢) نسبة العنوان إلى المعنون ، والوجه إلى ذي الوجه.
قلت : لحاظ التقويم ـ وكون الشيء من علل القوام ـ غير لحاظ التحصيل وكون الشيء من علل الوجود ، وحقيقة الفصل الحقيقي لا يعقل أن يكون بوجوده من علل قوام الماهية النوعية ؛ ضرورة أن ما حيثيّة ذاته حيثيّة الإباء عن العدم مغاير لما لا يأبى عن الوجود والعدم ، بل الفصل إنما يكون مقوّما بذاته وماهيته.
__________________
(١) صدر المحققين في الأسفار ٢ : ٣٦.
(٢) الضمير في ( عنه ) و ( إليه ) مرجعه ( الفصل ) المتقدم ذكره.