فدعوى النقل أو التجوّز في العالم وأشباهه من الأسماء الحسنى والصفات العليا الجارية عليه تعالى ـ تارة من جهة عدم المغايرة بين المبدأ وذيه ، واخرى من جهة عدم قيام مباديها بذاته المقدّسة لعينيتها له تعالى ـ كما عن صاحب الفصول ـ وصدقها عليه تعالى بمعنى آخر ـ دعوى بلا شاهد ، وإحالة إلى المجهول ، بل كما قيل ـ ونعم ما قيل ـ : يؤدي إلى الالحاد أو التعطيل ، كما اشير (١) إليه في المتن (٢).
وأوهن منه دعوى مرادفة الصفات ، كما نسب إلى بعض أهل المعقول (٣).
فان قلت : فكيف ينتزع مفاهيم متعددة عن مصداق واحد بلا جهة كثرة ، مع أنه كانتزاع مفهوم واحد عن المتعدد بلا جهة وحدة في الاستحالة ، بل ادّعي أنه من الفطريات ، ولا يعقل تكثّر الجهات والحيثيات في ذاته الأحدية ـ جلّت ذاته ـ فإنّ واجب الوجود بالذات واجب الوجود من جميع الجهات ، فكما أنه تعالى صرف الوجود ، كذلك صرف العلم وصرف القدرة وهكذا ، ولذا قال أساطين
__________________
(١) قولنا : ( كما اشير إليه في المتن .. الخ ).
لا يخفى عليك أنّ ما أفاده في المتن ـ من لزوم الاتحاد أو التعطيل ، بناء على عدم الصدق عليه تعالى بما له من المفهوم العام ـ إنما يرد على صاحب الفصول إذا التزم بالنقل أو التجوّز من حيث مفهوم المادّة كما هو المبحوث عنه في مسألة اشتراك الوجود معنى أو لفظا ، وأما إذا أراد النقل والتجوّز من حيث مدلول الهيئة والمشتق ـ بما هو مشتقّ ـ فلا يرد محذور الإلحاد والتعطيل ، ومن الواضح أنّ محلّ الكلام هنا هو الثاني ، فمراده (قدس سره) أنّ العالم في غيره تعالى بمعنى من يقوم به العلم ، وفيه تعالى من يكون عينه العلم ، مع انحفاظ مفهوم واحد من حيث المادة ، ولا بد من ذلك ، وإلاّ لورد عليه المحذور الذي يفرّ منه صاحب الفصول ، فإنّ ذلك المفهوم المجهول : إن كان مبدؤه عين الذات عاد محذور عدم القيام المنافي لصدق المشتق ، وإن كان غير الذات وقائما بها لزم القول بعدم عينية العلم لذاته المقدسة. فتدبّر ، فإنه حقيق به.
( منه عفي عنه ).
(٢) الكفاية : ٥٨ / ٦.
(٣) الأسفار ٦ : ١٤٥ أول الفصل الخامس من الموقف الثاني من السفر الثالث.