تعالى (١).
وإن كان النزاع في مجرّد مرادفة لفظ الطلب مع لفظ الإرادة ـ من دون نظر إلى ثبوت صفة نفسانية ، أو إلى مدلول الصيغة وشبهها ـ كانت المسألة لغوية ، فلا ربط لها بالاصول ولا بالكلام.
لا يقال : الكلام في مرادفتهما ليس من جهة تشخيص المفهوم بما هو مفهوم ، بل من جهة أنه لو ثبت وحدة المعنى كشف كشفا قطعيا عن أن المصداق واحد ؛ بداهة استحالة انتزاع الواحد عن المتعدّد ، فيبطل الكلام النفسي ، ولو ثبت تعدّد المفهوم كشف عن تعدّد المصداق ، فيصحّ دعوى الكلام النفسي.
لأنا نقول : ليس لازم الالتزام بعدم المرادفة تعدّد المصداق في مرتبة النفس لاحتمال أن يكون مفهوم الطلب ـ كما سيجيء ان شاء الله تعالى (٢) ـ أمرا منتزعا عن قول أو فعل مظهر للإرادة.
إذا عرفت ذلك فاعلم : أن الظاهر ـ كما يستفاد من تتبع كلمات الباحثين عن المسألة في بدو الأمر ـ أن النزاع في هذه المسألة نشأ من النزاع في الكلام النفسي ؛ حيث استدل الأشاعرة بأنّ الأمر الامتحاني ونظائره مدلولها الطلب دون الارادة ، فيعلم أن ما عدا الارادة والكراهة في الأمر والنهي معقول.
والسرّ في دعواهم ذلك والالتزام بالكلام النفسي تصحيح متكلّميّته تعالى (٣) ـ فى قبال سائر الصفات مع التحفظ على قدم الكلام ؛ إذ الالتزام بقدم
__________________
(١) وذلك في نفس هذه التعليقة عند قوله : ( وإن كان النزاع في مدلول الصيغة ....
(٢) وذلك في أواخر نفس هذه التعليقة عند قوله : ( إلا أنّ المظنون قويا .. ).
(٣) قولنا : ( تصحيح متكلّميته تعالى ... الخ ).
قد مر منا أن الكلام الذي هو من صفات الأفعال ـ كما ورد في روايتها ـ هو عين الإحداث والإيجاد ، وأما جعله من صفات الذات ، كما في كلمات اهل المعرفة ، فهو باعتبار أن وجوده تعالى معرب عن مقام ذاته المقدسة ، وأن صفاته وأسماءه معربة عن كمالاته المندمجة في مقام ذاته ،